Sunday, December 30, 2012

اطمئنوا .. لم تفلس مصر بعد

زاد مؤخراً الحديث عن الإفلاس. وعلى الرغم أنى ممن توقعوا حدوث أزمة فى وقت كان يتحدث فيه آخرون عن النهضة المرتقبة، الا انه لا يجب تضخيم الوضع لكى نحسن التعامل معه.

هل أفلست مصر؟!
الأجابة بالطبع "لا" لم تفلس مصر. الإفلاس هو عدم قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها، كالديون والمرتبات. الواقع أن الدولة قادرة على الوفاء بالديون وهذا لان 85% من الدين هو دين داخلى للبنوك والمؤسسات المحلية وتستطيع الدولة إعادة تمويلة و دفع المرتبات بطرح سندات مرة أخرى لهذه المؤسسات التى مازالت لديها القدرة للتمويل ، وان كانت مثقلة بهذه الأعباء التمويلية. لكن عدم وجود إفلاس لا يعنى ان الوضع جيد!!

ما هى حقيقة الوضع؟!
هناك أزمة اقتصادية حقيقية يمكن وصفها بالركود التضخمى، وهى مجموع ظاهرتين:
الأولى (الركود): وهو حالة من انخفاض الانتاج مصحوباً بانخفاض فى التوظيف. ونحن نعانى من ذلك منذ الثورة نتيجة الاضطرابات السياسية وخوف المستثمرين و الاعتصامات التى لا تنتهى.
الثانية (التضخم): وهو زيادة أسعار السلع بسبب زيادة تكاليف الانتاج وزيادة الضرائب والدمغات ورفع الدعم المرتقب خاصة عن المواد البترولية للمصانع، وكذلك تدهور سعر الصرف المرتقب مما يؤدى الى ارتفاع أسعار السلع المستوردة.
عادة ما تعانى الدول من واحدة من هاتين الظاهرتين، ولكن حينما يجتمعان يتأزم الوضع. بدون تدخل قاطع، ممكن ان يسوء الوضع بشكل كبير ويتحول الى "ثورة جياع"، حيث تستمر الاسعار فى الإزدياد وتتناقص السلع فى الاسواق، فيخرج الناس مطالبين بحقهم فى لقمة العيش.

ماذا يجب فعله؟!
على الحكومة ان تطرح برنامج "إنقاذ اقتصادى" للخروج من الأزمة بأقل الخسائر، واقترح ان يتكون هذا البرنامج من ستة محاور.
أولاً: تشكيل لجنة اقتصادية مستقلة ممن يشهد لهم بالكفاءة والنزاهة. تقوم هذة اللجنة بإعداد تقرير مفصل عن حقيقة الوضع وتعرضه بمنتهى الشفافية على الشعب.
ثانياً: تعيين فريق من الخبراء الاقتصاديين فى الحقائب الوزارية يكونوا مستقلين حيث ان قرارات الانقاذ الاقتصادى غير شعبية ولا يستطيع حزب أو جماعة تحمل عواقبها.
ثالثاً: السعى الجاد للوصول لحالة من الاستقرار السياسى مما يتطلب تأجيل الانتخابات البرلمانية بعض الشئ والدعوة لحوار جاد للمصالحة الوطنية يضم جميع التيارات لإنهاء حالة الاستقطاب السياسى والدينى العنيفة.
رابعاً: يجب ان تتصرف المؤسسات الحاكمة للدولة) رئاسة الجمهورية، رئاسة الوزراء، حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان( كفريق. فالجماعة هى من أسست الحزب الذى رشح الرئيس الذى عين الوزارة. فيجب التنسيق بين الأربع جهات والتواصل مع الإعلام بشكل جيد.
خامساً: اتخاذ إجراءات لانعاش السوق وعلى رأس ذلك يأتى إعادة تمويل الديون المحلية من مصادر خارجية. حيث أن إجمالى الدين حوالى 200 مليار دولار، منه 170 مليار دولار ممول محلياً، هذا يعنى ان هذا المبلغ قامت البنوك المحلية بجمعها من الأفراد والمؤسسات فى صورة ودائع وإقراضها للحكومة. الخطورة لا تكمن فى حجم أجمالى الديون، ولكن تكمن فى نسبة الدين الداخلى المرتفعة التى تعنى عدم قيام البنوك بتمويل الشركات والافراد بالشكل الكافى. لذلك يجب ان تسعى الحكومة بالتعاون مع الرئاسة فى طرح سندات حكومية دولارية فى الخارج تشتريها الدول الحليفة للنظام فى الخليج والغرب. هذا من شأنة إعادة ضخ مليارات من الدولارات فى القطاع المصرفى مع الضغط على البنوك للتوسع فى نشاط الإقراض لإحداث رواج اقتصادى يقلل من أثر الركود.
سادساً: فى ظل هذا الوضع، يجب تأجيل العمل بقانون الضرائب الجديد لبعض الوقت، الى جانب ضرورة خفض سعر الصرف ثم تثبيته حتى تتوقف حالة القلق وظاهرة الدولرة.

فى النهاية، أحب ان أشير الى ان الوضع الذى وصلنا اليه هو وضع حرج ولكنه ليس إفلاساً و لكن ان لم تتخذ الحكومة خطوات فعلية خلال الأسابيع القليلة القادمة قد تكون البلد بالفعل على مشارف الإفلاس.

عمر الشنيطي
٣٠-ديسمبر- ٢٠١٢
نُشر هذا المقال فى "جريدة الوطن"

Sunday, December 9, 2012

انهيار الاقتصاد: عن ماذا نتحدث؟

فى الآونة الاخيرة، تحدث الكثيرون عن قرب "انهيار الاقتصاد المصرى" حتى أن الدكتور محمد البرادعى صرح مؤخراً أن الاقتصاد سينهار بعد 6 أشهر. وحيثما يتداول هذا الكلام، ينقسم الناس الى ثلاثة مجموعات:
-المجموعة الأولى: "معارضة للنظام" وتدلل بانهيار الاقتصاد على فشل النظام الحاكم فى إدارة البلاد.
-المجموعة الثانية: "مؤيدة للنظام" وتدعى ان هذا الانهيار هو نتيجة الاثار السلبية للمعارضة وتعطيل عجلة الانتاج بسبب المظاهرات.
-المجموعة الثالثة: "عامة الشعب" والذى لا يصدق كل هذا حيث أنهم يسمعون هذا الكلام منذ شهور ومع ذلك فالمطاعم والمجمعات التجارية مزدحمة بالزبائن ولا يوجد أى علامات للإنهيار.
وفى ظل هذا التخبط، وجب علينا شرح الوضع بشكل علمى وبسيط، والسؤال الآن:

هل الوضع الاقتصادى فعلا سئ؟!
بالطبع الوضع الاقتصادى سئ للغاية. فإذا نظرنا للمؤشرات الاقتصادية الكلية نجد زيادة كبيرة فى عجز الميزانية فى العام الماضى والتى سيستمر العجز بها إن لم تأخذ الحكومة قرارات هيكلية ليست سهلة التنفيذ. الى غير ذلك من المؤشرات التى شهدت تدهوراً شديداً منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن. على الرغم من أن الوضع قبل الاحداث الاخيرة كان قد بدأ فى التحسن وان كان التحسن تدريجيا.

هل ممكن ان ينهار الاقتصاد فى الفترة القادمة؟
طبقاً للوضع الاقتصادى الحالى والتطورات السياسية السلبية فإن الاقتصاد قد يشهد تطورات شديدة السلبية فى الاشهر القليلة القادمة ويرجع ذلك الى أربعة أسباب:
١- عجز الميزانية بلغ رقماً قياسيا فى العام الماضى ليصل الى 170 مليار جنية ويتوقع هذا العام ان يتخطى العجز الحقيقى هذا الرقمو هو ما لا يتحمله الاقتصاد .
٢- مع ازدياد العجز، تزيد الضغوط لتمويل العجز والذى تتحمل البنوك، التى تحولت الى وسيط يجمع الاموال لتمويل عجز الحكومة فى المقام الاول، العبء الاكبر منه. ولهذا آثار سلبية على تمويل الشركات والمشروعات المختلفة ويؤثر على نشاط الشركات والاقتصاد بشكل عام.
٣- تستورد مصر سنويا ما يعادل ضعف ما تصدره ولذلك فلدى مصر عجز فى الميزان التجارى. فإذا تدهور سعر الجنية اما الدولار، هذا يعنى زيادة العبء على الميزان التجارى. بما ان احتياطى النقد الاجنبى وصل الى 15 مليار دولار أى ما يعادل 3 اشهر من استيراد السلع فإن إحتمالية حدوث ذلك أصبحت كبيرة و وشيكة.
٤- تحتاج العديد من المؤسسات الحكومية الى تمويل بشكل او آخر مثل الهيئة العامة للبترول. هذه الهيئات تحتاج تمويل سريع والا سنعانى من نقص السلع والخدمات التى تقدمها هذه الهيئات.
هذة الأسباب تنبء بانهياراقتصادي فى الاشهر القليلة القادمة.

متى نصل للإنهيار؟
هذا سؤال محير، فقد نصل اليه فى ثلاثة أو ستة أو تسعة أشهر. فى الحقيقة تعتمد سرعة التدهور على سرعة حسم الخلافات السياسية وبالأخص إنهاء حالة حرب الشوارع والاستقطاب غير المسبوق.

ماذا سيحدث عند الانهيار؟
ببساطة ستتدهور قيمة الجنية مما يؤدى الى تضخم كبير فى سعر السلع الرئيسية مع نقص حاد فى وجود هذه السلع فى الاسواق. وسينعكس ذلك بشكل كبير على الطبقات الاكثر فقراً التى ستخرج للشارع لتعبير عن ضيقها فى ثورة جياع حقيقية.
قد يستنتج القارئ أننى مع تهدئة المعارضة حتى تستقر الامور. ولكن الحقيقة عكس ذلك. ان التئام الجرح في المرة الثانية بعد أن يتلوث أصعب من المرة الأولى بكثير. لذلك أرى ان علينا ان ننتهى من عملية تنظيف الجرح أولا. حيث ان التسوية الظاهرية الآن لن يكون لها آثار ايجابية على الاقتصاد، فمن سيستثمر فى دولة نظامها القضائى مشلول ويتصارع أهلها فى الشوارع؟!. لذلك يجب أولاً ان ندع الاقتصاد جانباً حتى ينتهى التطهير ويعد للوطن وحدته ويتوقف نزيف الدماء.

عمر الشنيطي

٩-ديسمبر- ٢٠١٢
نُشر هذا المقال فى "جريدة الوطن"




Sunday, December 2, 2012

هل ستدور عجلة الاقتصاد بالدستور؟

بصدور هذا المقال سيكون قد تم الانتهاء من التصويت على مشروع الدستور، لذلك فإن هذا المقال لا يهدف لتغليب طرف على آخر أو لحشد الناس للتصويت فى أى اتجاه، إنما يهدف لفهم الأبعاد الاقتصاديه لما بعد الدستور.

منذ ان تم تحديد موعد الاستفتاء على الدستور، أطلقت جماعة الاخوان المسلمين، حملة "بالدستور العجلة تدور" فى محاولة لحشد الناس للتصويت بنعم، واعدين بأن الدستور سيساعد على الاستقرار السياسى ومن ثم الاقتصادى والبدء فى تحقيق النهضه، حتى ان أحد رموز الإخوان وعد ان الاستثمارارت الاجنبية ستتدفق على مصر فور إقرار الدستور. بينما كان هناك فريق آخر على النقيض، لا يرى ان إقرار مثل هذا الدستورسيؤدى الى أى استقرار أو نمو اقتصادى ويدلل على ذلك بالوعود الاقتصادية المبالغ فيها التى وعد بها الرئيس خلال حملته الانتخابية والتى لم تحقق الى الآن.

لكن بعيداً عن هذا كله، دعونا ننظر الى الأمر بموضوعية وحيادية.
هل فعلاً عجلة الاقتصاد ستدور بعد إقرار الدستور؟!
يفترض من الناحية النظرية ان يحدث ذلك، فإقرار الدستور يعتبر خطوة كبيرة فى تجربة التحول الديمقراطى ومن المفترض ان يتبعه انتخابات برلمانية إضافة الى استكمال تشكيل باقى مؤسسات الدولة. هذا من شأنه ان يحدث استقرار سياسى، والذى من المفترض ان ينعكس على الوضع الاقتصادى فى جذب الاستثمارات والانتعاش الاقتصادى. لكن هذا الافتراض يغض الطرف عن الوضع المؤسسى والاجتماعى فى مصر. حيث تشهد البلاد حالة استقطاب حادة، تميزت بطريقة جديدة لحسم الخلافات السياسة عن طريق الحشد الذى يؤدى فى النهاية الى اشتباكات فى الشوارع، الى جانب تذبذب مؤسسة الرئاسية الذى يتجلى فى قرارات يتم اتخاذها ثم العدول عنها. كل هذه المظاهر لا تنبئ باستقرار سياسى اواقتصادى قريب.

ماذا سيحدث للاقتصاد بعد الدستور؟!
من المتوقع ان يحدث مثل ما حدث بعد انتخابات الرئاسة.
أولاً: سيتم الموافقة على قرض صندوق النقد الدولى لمصر وهذه ستكون علامة جيدة وستفتح الباب أمام الكثير من المساعدات والمنح والقروض والمعونات التى تكون فى صورة وعود يتم صرفها على فترات زمنية بشرط تحقيق الكثير من الاصلاحات الاقتصادية.
ثانياً: ستقوم بعض الدول الحليفة للنظام الحاكم فى مصر بالإعلان عن صفقات اقتصادية كبيرة. بطبيعة الحال هذه الاستثمارات يغلب عليها الطابع السياسى وسيتم تنفيذها على فترات متباعدة كشأن أى صفقة استثمارية كبيرة. كالعادة ستتصدر قطر ثم تركيا المشهد ثم بعد ذلك  تأتى أمريكا.
ثالثاً: بحدوث الجزء الأول والثانى، يفترض ان يعتبر ذلك حافزاً للاستثمارات المحلية والأجنبية الخاصة بسبب زيادة الثقة فى السوق المصرى، وهذا من شأنه تحفيز الاقتصاد. ولكن هذا الأمر حدوثه مربوط بتحسن الكثير من المؤشرات الاقتصادية المحلية كسعر العملة والتضخم وكذلك الاستقرار السياسى.
ما سبق هو نفس سيناريو ما حدث بعد انتخابات الرئاسة، حيث القروض الخارجية والاستثمارات الأجنبية لكن توقف كل هذا بعد التداعيات الأخيرة، وسيكون موقف الاستثمار الخاص داخلياً وخارجياً أكثر تحفظاً فى المرات القادمة.

الخلاصة: ماذا سيحدث؟!
ستدور عجلة الاقتصاد لفترة قصيرة ولكن ليس كما يتوقع المتفائلون، لأن بعد فترة قصيرة سنعود لنفس النقطة مرة أخرى، ان لم يكن الأمر أسوأ وذلك يعتمد على سرعة تدهور المؤشرات الكلية كسعر العملة والتضخم وغيرها، مالم يتم إعادة هيكلة للحكومة الحالية. ولذلك فعلى المؤسسة الرئاسية الإسراع فى إعادة هيكلة الجهاز التنفيذى خاصة القائم على الحقائب الاقتصادية وتشكيل فريق اقتصادى قادر على إدارة الأزمة الاقتصادية، حيث أن غياب الكفاءة الإدارية الحالى والصورة المهتزة للحكومة ستضيع الفرصة بلا شك.

عمر الشنيطي
٢-ديسمبر- ٢٠١٢
نُشر هذا المقال فى "جريدة الوطن"

الأبعاد الثلاثية للقرارات الاستراتيجية

اتخد الرئيس مرسى منذ توليه العديد من القرارات، منها ما هو إجرائى ومنها ما هو إستراتيجى. وبما أنه أول رئيس منتخب بعد الثورة، يتوقع منه أن يتخذ العديد من القرارت الاستراتيجية التى يغلب عليها الطابع الاقتصادى كجزء من برنامجه الاصلاحى. ولكن هذه القرارات، هى قرارات معقدة لها ثلاثة أبعاد: اقتصادية واجتماعية وسياسية. لذلك فالتركيز على بُعد واحد فى اتخاذ هذه القرارات واهمال الأبعاد الأخرى هو أمر شديد الخطورة سيؤدى حتماً الى فشل هذه القرارات.

عندما ينظر السياسيون والاقتصاديون لقرارات كقرض صندوق النقد، أو رفع الدعم، أو زيادة الضرائب أو إسقاط الديون عن الفلاحين، لابد أن يحللوا الثلاثة جوانب:
أولاً: الجانب الاقتصادى، لابد من النظر الى تكلفة هذه القرارات ومردودها على إيراد الموازنة وطبيعة الطلب على المنتجات وآثارها على وضع الدولة المالى.
ثانياً: الجانب الاجتماعى،  يجب معرفة قدرة الفئات المتضررة على تحمل آثار القرارات الى جانب أثر القرارات على نمط الاستهلاك فى المجتمع.
ثالثاً: الجانب السياسى، يجب مراعاة مواقف التيارات والاحزاب السياسية ومدى تقبل الرأى العام لحكمة القيادة السياسية وتداعيات هذه القرارات على تشكيل الخريطة السياسة.

رصد وتحليل هذه الجوانب الثلاثة المتشابكة والتعامل معهما بتوازن وحكمة هو صمام الأمان لضمان اتخاذ القرار الصائب. ولتوضيح أهمية الأبعاد الثلاثية، يمكننا أن نقارن بين قرارين تم اتخاذهم من قبل الرئيس، الأول خاص بإسقاط الديون عن الفلاحين والثانى خاص بزيادة الضرائب.
فى الحالة الأولى: اتخذ الرئيس قرار بإسقاط الديون عن 45 ألف فلاح ثم تم تعديله لإسقاط جزء من هذه الديون. إذا نظرنا الى الجانب الاقتصادى فإن هذا القرار ليس جيداً، اذ تتحمل الحكومة نصف عبء هذه الديون ويتحمل الجزء الآخر بنك التنمية والائتمان الزراعى. كذلك من الناحية البنكية، فإن هذا القرار يفتح الباب لفكرة إسقاط الديون أو إعفاء المتعثرين وهو ما يهدد النظام البنكى. ولكن من الناحية الاجتماعية، جاء هذا القرار ليُعلى فكرة العدالة الاجتماعية ويرفع الضغط عن قطاع الفلاحين الذين كانوا فى معاناه شديدة. ومن الناحية سياسية، كان هذا قراراً ذكياً لكسب ود 45 ألف أسرة أغلبهم فى محافظات التى لم يفوز بها. فعلى الرغم من ان هذا القرار الاقتصادى ليس الأمثل، الا أنه كان قراراً سياسياً واجتماعياً شديد الامتياز.

فى الحالة الثانية: اتخذ الرئيس قراراً بفرض ضرائب ودمغات على بعض المنتجات. من الناحية الاقتصادية، الميزانية فى حالة عجز وتحتاج الدولة لتعظيم إيرادتها. بالإضافة الى ان بعض السلع التى زادت عليها الضرائب هى سلع كمالية لاتؤثر على الطبقات الفقيرة، لذلك فالقرارت من الناحية الاقتصادية فى مجملها قرارات جيدة.
ولكن إذا نظرنا للجانب الاجتماعى، سنجد أن التضخم حتماً سيؤثر بشكل كبير على الطبقات الفقيرة حيث ان الكثير من الدمغات المفروضة سترفع، بشكل غير مباشر، السعر النهائى للسلع والخدمات. كما أدى الترويج لاقتصار هذه الضرائب على "السجائر والخمور"، الى تعميق ظاهرة الاستقطاب فى التحليل.
أما على الجانب السياسى، فلا يمكن ان يكون هناك توقيت أسوأ للإعلان عن هذه القرارات. بالإضافة الى عدم الشفافيه فى شرح القرارات منذ البداية ثم تجميدها بعد ساعات. فعلى الرغم من صحة القرار الاقتصادى الا ان البعدين الاجتماعى والسياسى غابا عن المشهد وأفشلا القرار فى النهاية.

وبناءاً على ذلك، فلابد من النظر بعين الاعتبار للأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية معاً قبل اتخاذ مثل هذه القرارات الاستراتيجية فى المستقبل، مع التركيز على الإخراج الجيد للقرار، لتجنب الاضطرابات الناتجة عن هذه القرارات. فحكم الدول يحتاج إلى الحكمة و التوازن.

عمر الشنيطي
٢-ديسمبر- ٢٠١٢


نُشر هذا المقال فى "جريدة الوطن"



تحذير: الاقتصاد في خطر

حينما أطالع الوضع الحالى وانظر إلى حالة الاقتصاد، أتصور أنه لا يوجد ما هو أسوأ مما يحدث الآن  على الاقتصاد. فالمفاجآت والقنابل السياسية المصحوبة بحالة استقطاب غير مسبوقة ومظاهرات يتباهى منظموها بعددها، هي في الحقيقة سهام نافذة في قلب الاقتصاد.

لا أريد أن اتحدث هنا عن أسباب هذه المظاهرات، بل أريد أن أركز على أثر الوضع الحالي على الاقتصاد على المدى القصير والبعيد.
في البداية أريد أن أؤكد على بعض المُسلّمات الاقتصادية:
أولا: الاستقرار السياسي هو ضرورة لأي عمل تنموي أو تطور اقتصادي ولن يتقدم الاقتصاد في جو ملئ بالاستقطاب وعدم الاستقرار.
ثانيا: اختلاف التوجهات السياسية هى سِمة رئيسية في أى نظام الديموقراطي، ولكن سوء إدارة الخلاف السياسى هو ما يؤثر على استقرار الاقتصاد.
ثالثا: حينما تحدث تقلبات سياسية، يتراجع المستثمرون عن دخول الاسواق أو على الأقل يقللون من استثماراتهم.
رابعا: حينما يتخطى الخلاف السياسي حاجز النقاش والتفاهم ويتحول الى تباري لا ينتهي في الحشد عن طريق "مليونيات" يصاحبها إضراب واسع في الجهاز القضائي للدولة، فذلك كفيل بأن يثني المستثمرين المحليين أو الاجانب عن الاستمرار في أعمالهم حتى تتضح الرؤية.

مظاهر تأثر الاقتصاد بالاضطرابات السياسة:
١- اتجاه الأفراد و المؤسسات بكثافة نحو "الدولرة" خشية تدهور سعر الجنيه أمام الدولار.
٢- تأثر الكثير من القروض والمساعدات والاستثمارات الأجنبية التي كانت متوقعة بسبب اضطراب اجراءات قرض صندوق النقد الدولي.
٣- وجود حالة من الخوف لدى كثير من المؤسسات المالية المحلية التي، بشكل أو بآخر، قررت تجميد أنشطة التمويل حتى استقرار الوضع – وإن لم يكن هذا معلنا بشكل رسمي – إلا أنه ملحوظ بشكل كبير في قرارت تمويل المؤسسات المالية المحلية الكبرى.
٤- عودة الاستثمار الأجنبي لمرحلة الحظر، بعدما تم من الصفقات في الأربعة أشهر السابقة، الى أن تستقر الأوضاع.

و بلرغم من هذه المظاهرإلا أني أريد التركيز على ظاهرتين خطيرتين:
الظاهرة الأولى: "ظاهرة المال السياسي" فعلى الرغم من أن عدم الاستقرار سيؤدي إلى نفور رؤوس الأموال من المستثمرين المحليين والأجانب، إلا أنه يجتذب رؤوس أموال من نوع آخر، وهي أموال سياسية تدعم طرف على حساب طرف. وباستقراء المشهد الحالي يمكن توقع حدوث ذلك. قد يظن القارئ أن هذا جيد ولكن في الحقيقة أن هذه الأموال السياسية تكون فائدتها الاقتصادية أقل من الأموال الاستثمارية الحقيقية. كما أنها تؤثر على استقلالية القرار السياسي، وتؤدي إلى خلط شديد بين الصراع السياسي والاقتصادى بل و تعطي له طابع إقليمي.

الظاهرة الثانية: "ظاهرة الاستقطاب الاقتصادي" وهذا ليس مصطلحاً جديداً. فمع تصاعد وتيرة الصراع، سنجد مؤيدي طرف يرفضون شراء بضائع ومنتجات وخدمات من شركات رموز الطرف الأخر. وهذه الظاهرة تتجلى في أوجها في لبنان، واحدة من أكثر البلاد استقطابا. ولكننا رأيناها في مصر خلال العام الماضي تحدث مع شركات رموز العمل السياسي، سواء في قطاع الاتصالات أو التجزئة أو غيرها. وهذه الظاهرة لها آثار اقتصادية واجتماعية ممتدة، قد يعاني المجتمع منها لعقود ان خرجت عن السيطرة.
لذلك أرجو أن يكون ذلك ناقوس خطر لكل المتصارعين على السلطة والمتباهين بأعدادهم وحشدهم أن يعوا أهمية مناقشة وتسوية هذه الخلافات في جو أكثر تحضراً خشية أن يحدث ما لا يحمد عقباه وحينها سيدفع الجميع الثمن. 

عمر الشنيطي
٢-ديسمبر- ٢٠١٢

نُشر هذا المقال فى "جريدة الوطن"


Monday, November 26, 2012

أبعاد الشراكة بين مصر وتركيا

لا تكاد تمر مناقشة أو حوار عن الاقتصاد المصرى وآفاقه إلا ويتم ذكر تركيا كشريك استراتيجى. لكن ما هى طبيعة الشراكة مع تركيا؟ وما هى أبعادها؟ وهل يمكن ان تحقق هذه الشراكة ما يأمله المصريون وخاصة الحكومة الحالية؟

إذا نظرنا سريعاً على تركيا سنجد ان إجمالى الناتج المحلى لعام 2011  بلغ حوالى 760 مليار دولار، وبذلك يكون متوسط دخل الفرد السنوى 14.400 دولار سنوياً طبقاً للتقارير الرسمية لعام 2011. وقد شهد الاقتصاد التركى  نمواً كبيراً فى السنوات السابقة تراوح بين 6-8% سنوياً وانخفض عجز الموازنة لما دون 2% من الناتج المحلى الاجمالى، وإذا أردنا ان نربط هذه المؤشرات بوضع مصر، فيكفى أن نعرف أن إجمالى الناتج المحلى فى مصر فى نفس الفترة 230 مليار دولار، ودخل الفرد فى المتوسط 6500 دولار سنويا. وبذلك فحجم الاقتصاد التركى يمثل حوالى 3 أضعاف حجم الاقتصاد المصرى.

إذا نظرنا للعلاقات الاقتصادية المصرية التركية، سنجد ان تركيا صدّرت لمصر ما قيمته 2.2 مليار دولار فى عام 2010 أهمهم منتجات حديد وصلب وسيارات، بينما صدّرت مصر لتركيا ما قيمته 0.9 مليار دولار، أهمهم منتجات زراعية، ومواد خام وبترولية. ولذلك فإن الميزان التجارى يميل الى كفة تركيا.

أما اذا نظرنا للاستثمارات التركية المباشرة فى مصر تبلغ 1.5 مليار دولار فقط حتى نهاية 2010، وعلى الرغم من ذلك، فإن الكثير من الامال معقودة على تركيا خاصة بعد زيارة رئيس الوزراء التركى لمصر الاسبوع الماضى بصحبة عدد كبير من الوزراء ورجال الاعمال ويرجع ذلك للأسباب الآتية:
- كانت تركيا ولاتزال نموذج ناجح لتطبيق المشروع الاسلامى.
- ترابط العلاقات الاقتصادية والتجارية بين رجال اعمال التيار الاسلامى فى مصر والشركات التركية، تجعل تركيا مرجعيتهم الاقتصادية.
- دعم تركيا للثورة المصرية والتحول الديمقراطى خاصة بعد صعود التيار الاسلامى الحكم.

أدت تلك الاسباب الى ارتفاع توقعات نتائج الشراكة المصرية التركية. ولكن ما هى أبعاد هذة الشراكة الاقتصادية؟ هناك بعدان:
البعد الأول: البعد الحكومى: دعم الحكومة التركية للإقتصاد المصرى واضح سواء فى دعم مادى او دعم فنى اومعنوى. على مستوى الدعم المادى، أودعت تركيا مليار دولار فى البنك المركزى المصرى مؤخراً ولكن لا يتوقع تكرار مثل هذا الدعم نظرا لعدم قدرة الحكومة على التوسع فى مثل هذا النوع من الدعم. أما الدعم الفنى والمعنوى، فهو مكثف فى شكل تبادل خبرات وبرامج تنمية ولكن الحكومة المصرية تعتمد على قدرة الحكومة المصرية فى وتطبيق هذه البرامج بشكل جيد.

البعد الثانى: البعد الاستثمارى: زيارة عدد كبير من المستثمرين الاتراك لمصر يعكس اهتمامهم بالسوق المصرى ولكن يجب ان لا نضخم من هذا الاهتمام. فعلى المدى القصير يركز المستثمرين الاتراك على فتح الاسواق المصرية وإيجاد مستوردين ووكلاء مصريين لمنتجاتهم بدون الاستثمار المباشر فى مصر. ويهدف ذلك للاستفادة من السوق الاستهلاكى المصرى الكبير فى وقت تمر أوروبا بأزمة اقتصادية طاحنة. أما على المدى البعيد، سيقوم المستثمرين الاتراك بضخ استثمارات فى مصر ولكن بعد الوصول لحالة من الاستقرار الامنى والاقتصادى. وحتى نصل الى هذه المرحلة، فإن الاتراك فى مرحلة استقراء للسوق، وهذا أمر طبيعى ومتوقع من مستثمرين هدفهم المكسب والربح فى نهاية المطاف.

وبناءا علي ما سبق، فإنه بلا شك هناك شراكة استراتيجية بين مصر وتركيا وآمال على هذه الشراكة، لكن لا يجب ان نضخم او نبالغ فى حجم الدعم التركى وأثره على الاقتصاد المصرى. 

عمر الشنيطي
٢٥-نوفمبر- ٢٠١٢
نُشر هذا المقال فى "جريدة الوطن"

Monday, November 19, 2012

يا شعبى الحبيب الصبور المهاود

شهدت مصر تحولاً كبيرا على الساحة السياسية بعد ثورة 25 يناير، ولعل من أبرز معالم هذا التحول ان الفصيل سياسى الذى كان محروماً من أبسط حقوقه السياسية، وهى تكوين حزب يعبر عن أفكاره، أصبح الآن هو الذى يمسك بمقاليد الحكم فى مصر. إن هذا التحول أدى الى تطلُع جموع الشعب المصرى الى حياة أفضل يتحقق فيها مبادئ الثورة وارتفع سقف التوقعات بشدة فى فترة الانتخابات خاصة من حملة مرشحى الإخوان الذين تعهدوا بحلول سريعة فى خلال المائة يوم الأولى لحل المشاكلات الأساسية التى تواجه المجتمع المصرى دون المساس بالعدالة الاجتماعية.

لكن كيف لمن كان بعيداً طوال حياتة عن الحكم ان يضع خطة كهذه؟ بالضرورة أن هناك افتراضات قامت بها الجماعة، وبما ان افراد الجماعة قريبين من المجتمع فهم يدركون خطورة المشاكل ولكنهم كانوا يراهنون على صبر وتحمل الشعب وقد بدى ذلك جلياً فى خطابهم اثناء فترة الانتخابات. حيث علقوا الآمال على ان الشعب الذى دعم عبدالناصر وأيد قراراته رغم قسوة بعضها وصبر على حكم العسكر 60 عاماً، بالتأكيد سيصبر على ما هو آت.

ولكن هل هذا صحيح؟ فيما يلى سنجد أن هناك أربعة اختلافات رئيسية بين الخمسينيات والآن:
أولاً: فى الخمسينيات كان الاقتصاد المصرى دائناً لانجلترا بعد الحرب العالمية الثانية، بينما نحن الآن نعانى من دين تخطى التريليون جنية.
ثانياً: فى عهد عبدالناصر تم اتخاذ العديد من القرارات الشعبية التى استفاد منها قطاع عريض من أبناء الشعب و تميز عهد عبدالناصر بالحزم السياسى والادارة السياسية القوية، بينما نحن الآن فى حالة من التخبط السياسى يبدأ من صعوبة إقرار دستور حتى غلق المحال التجارية
ثالثاً: رأى الشعب فى عبدالناصر البطل الذى جاء ليرفع طبقات المجتمع المتوسطة والفقيرة ورأوه قائداً يثقون فيه، بينما هناك شعور قوى فى مصر الآن بعدم الشفافية فى العديد من القضايا الرئيسية.
رابعاً: تميزت فترة الخمسينيات بالميل للإشتراكية التى عادة ما تلقى قبولا من قطاع واسع من طبقات الشعب ولم يكن حول عبدالناصر رجال اعمال بارزين، بينما تترسخ صورة النظام الحالى على أنه نظام رجال أعمال كسابقة ولكن بصيغة إسلامية.

هذه الأسباب الأربعة تجعل الوضع الآن مختلف عن سابقه فى الخمسينيات ولذلك فتحمل الشعب للتغيرات والإصلاحات الآن سيكون مختلفاًعن تلك الفترة التى نعِم فيها المواطن المصرى بحياة كريمة – وإن لم تكن سهلة- لكنه كان يشعر بكرامته داخل وطنه وخارجه.
كلما نظرت الى المشهد السائد على الساحة الآن، أتذكر مشهد الفنان القدير محمد صبحى فى مسرحية "تخاريف" حينما كان يلعب دور الديكتاتور وكان ينادى شعبه باستمرار قائلاً "يا شعبى الحبيب الصبور المهاود"، وهو ما لا يختلف كثيراً عن نوع الخطاب التى تطلقة الحكومة والرئاسة على الرغم من أن الرئاسة الحالية لا يمكن بأى حال تصنيفها أو وصفها بالديكتاتورية حتى الآن. ويجب أن لا ننسى ان فى آخر المسرحية لم يكن الشعب صبورا ولا مهاوداً وانقلب على رئيسه. لذلك من المهم ان تغير مؤسسة الرئاسة والحكومة والحزب الحاكم من افتراضاتها لردود فعل وقوة تحمل الشعب وان تعيد النظر فى برنامجها وخطواتها الاصلاحية.

عمر الشنيطي




١٨-نوفمبر- ٢٠١٢







Monday, November 12, 2012

هل سنعود لسيناريو 1977

فى عام 1977، أقدم الرئيس أنور السادات على خطوة كبيرة نحو تحرير اسعار السلع الرئيسية خاصة رغيف الخبز، بناءاً على توصيات البنك الدولى وصندوق النقد الدولى، فى إطار جهود مصر  لإعادة هيكلة الاقتصاد فى ذلك الحين. كانت تهدف تلك الخطوة لتحرير الأسواق وتخفيض فاتورة الدعم، لكن فى المقابل إجتاحت مصر موجة عارمة من التظاهرات اضطرته الى العدول عن قراره بعد 48 ساعة فقط من إتخاذه.

الآن وبعد 35 عاما، تعود مصر الى مفترق طرق مشابه حيث تفاوضت الحكومة الحالية مع صندوق النقد الدولى على قرض تصل قيمته 4.8 مليار دولار، ولكنه مشروط بإعادة هيكلة الدعم والقيام بالكثير من الاصلاحات الاقتصادية التى باتت ضرورية على كل حال.

لذا فإن المشهد الحالى يثير تساؤلات مهمة: "هل سنعود الى سيناريو 77؟ وهل سيخرج الشعب الى الشارع ليجبر الرئيس والحكومة على العدول عن قرارات ومبادرات الاصلاح الاقتصادى؟".
إذا نظرنا الى الموضوع نظرة استراتيجية، نجد ان هناك احتمالية -ليست صغيرة- أن تعيش مصر فترة مماثلة لعام 1977 وذلك لخمسة اسباب:
أولا: عدم الشفافية والتضارب: فالمتابع لتصريحات الحكومة والرئاسة يجد حالة من الغموض وعدم الشفافية بخصوص شروط القرض، فحيناً يقال أنه مشروط وأخرى يقال أنه غير مشروط، مما يؤدى الى تضارب فى تصريحات المسؤلين بخصوص الدعم وسعر العملة وغيرها من القضايا المتعلقة به.
ثانيا: تردى الوضع الاقتصادى: حيث يعانى الاقتصاد المصرى من اضطرابات على المستوى الكلى وينعكس ذلك على وضع الافراد خاصة الأكثر فقراً -والذين يعانون بشكل متزايد منذ اندلاع ثورة 25 يناير2011- ولذلك فقدرة الطبقات الفقيرة على تحمل اى غلاء فى الأسعار ضعيفة جداً، سواء جاء ذلك من خلال رفع سعر رغيف الخبز، وهو أمر غير متوقع، أو إعادة هيكلة الدعم على الطاقة، والذى سيؤدى الى ارتفاع غير مباشر فى الاسعار.
ثالثا: الانفلات: حيث تعانى مصر من حالة انفلات عام لا يقتصر فقط على الانفلات الامنى، ولكنها تعدت لتصل الى انفلات أخلاقى. فنجد مستوى الحوار والنقد قد تدنى لدرجة غير مقبولة. وأصبح تعريف "حرية التعبير" هو السب والقذف العلنى مما أدى إلى خلق معارضة غير منطقية للقرارات بشكل عام.
رابعا: التردد: ظهور حالة تردد شديد من الحكومة فى إتخاذ قراراتها. تجلّت فى قضية إغلاق المحال التجارية مبكراً. هذا التردد يحفز كل من يريد الاعتراض على القرارات، خاصة الفئوية منها، على المغالاه فى الإعتراض.
خامسا: الاستقطاب: تعيش مصر حالة استقطاب شديدة ولذلك فمن الطبيعى ان نجد المعارضة تقف امام مثل هذه الاصلاحات الاقتصادية، خاصة انها تمثل خيارات استراتيجية مرتبطة بتوجه الدولة.
إذا نظرنا الى هذه الأسباب، نجد هناك احتمالية لتكرار مشهد 1977 مجددا. لذلك فإنه يجب على الحكومة التخطيط بدقة قبل الإقدام على هذة الاصلاحات الاقتصادية عن طريق:
١- إشراك طوائف وفئات المجتمع المختلفة فى هذه الاصلاحات.
٢- تبنى سياسة تواصل أكثر شفافية ووضوح.
٣- إطلاق مبادرات لإعادة توزيع الدخل ورفع العبء عن الفئات الاكثر فقراً قبل إعادة هيكلة  الدعم.
٤- توفير كميات كبيرة من المنتجات فى الاسواق لطمأنة الشعب وأنه لا يوجد حاجة للتخزين.
هذه المبادرات وغيرها ستساعد على تقليل احتمالية تكرار سيناريو 1977، لذلك قفد وجب علينا التنبيه والنصح لتفادى تكرار ما لا نتمنى حدوثه.

عمر الشنيطي




١١-نوفمبر- ٢٠١٢