Sunday, December 2, 2012

تحذير: الاقتصاد في خطر

حينما أطالع الوضع الحالى وانظر إلى حالة الاقتصاد، أتصور أنه لا يوجد ما هو أسوأ مما يحدث الآن  على الاقتصاد. فالمفاجآت والقنابل السياسية المصحوبة بحالة استقطاب غير مسبوقة ومظاهرات يتباهى منظموها بعددها، هي في الحقيقة سهام نافذة في قلب الاقتصاد.

لا أريد أن اتحدث هنا عن أسباب هذه المظاهرات، بل أريد أن أركز على أثر الوضع الحالي على الاقتصاد على المدى القصير والبعيد.
في البداية أريد أن أؤكد على بعض المُسلّمات الاقتصادية:
أولا: الاستقرار السياسي هو ضرورة لأي عمل تنموي أو تطور اقتصادي ولن يتقدم الاقتصاد في جو ملئ بالاستقطاب وعدم الاستقرار.
ثانيا: اختلاف التوجهات السياسية هى سِمة رئيسية في أى نظام الديموقراطي، ولكن سوء إدارة الخلاف السياسى هو ما يؤثر على استقرار الاقتصاد.
ثالثا: حينما تحدث تقلبات سياسية، يتراجع المستثمرون عن دخول الاسواق أو على الأقل يقللون من استثماراتهم.
رابعا: حينما يتخطى الخلاف السياسي حاجز النقاش والتفاهم ويتحول الى تباري لا ينتهي في الحشد عن طريق "مليونيات" يصاحبها إضراب واسع في الجهاز القضائي للدولة، فذلك كفيل بأن يثني المستثمرين المحليين أو الاجانب عن الاستمرار في أعمالهم حتى تتضح الرؤية.

مظاهر تأثر الاقتصاد بالاضطرابات السياسة:
١- اتجاه الأفراد و المؤسسات بكثافة نحو "الدولرة" خشية تدهور سعر الجنيه أمام الدولار.
٢- تأثر الكثير من القروض والمساعدات والاستثمارات الأجنبية التي كانت متوقعة بسبب اضطراب اجراءات قرض صندوق النقد الدولي.
٣- وجود حالة من الخوف لدى كثير من المؤسسات المالية المحلية التي، بشكل أو بآخر، قررت تجميد أنشطة التمويل حتى استقرار الوضع – وإن لم يكن هذا معلنا بشكل رسمي – إلا أنه ملحوظ بشكل كبير في قرارت تمويل المؤسسات المالية المحلية الكبرى.
٤- عودة الاستثمار الأجنبي لمرحلة الحظر، بعدما تم من الصفقات في الأربعة أشهر السابقة، الى أن تستقر الأوضاع.

و بلرغم من هذه المظاهرإلا أني أريد التركيز على ظاهرتين خطيرتين:
الظاهرة الأولى: "ظاهرة المال السياسي" فعلى الرغم من أن عدم الاستقرار سيؤدي إلى نفور رؤوس الأموال من المستثمرين المحليين والأجانب، إلا أنه يجتذب رؤوس أموال من نوع آخر، وهي أموال سياسية تدعم طرف على حساب طرف. وباستقراء المشهد الحالي يمكن توقع حدوث ذلك. قد يظن القارئ أن هذا جيد ولكن في الحقيقة أن هذه الأموال السياسية تكون فائدتها الاقتصادية أقل من الأموال الاستثمارية الحقيقية. كما أنها تؤثر على استقلالية القرار السياسي، وتؤدي إلى خلط شديد بين الصراع السياسي والاقتصادى بل و تعطي له طابع إقليمي.

الظاهرة الثانية: "ظاهرة الاستقطاب الاقتصادي" وهذا ليس مصطلحاً جديداً. فمع تصاعد وتيرة الصراع، سنجد مؤيدي طرف يرفضون شراء بضائع ومنتجات وخدمات من شركات رموز الطرف الأخر. وهذه الظاهرة تتجلى في أوجها في لبنان، واحدة من أكثر البلاد استقطابا. ولكننا رأيناها في مصر خلال العام الماضي تحدث مع شركات رموز العمل السياسي، سواء في قطاع الاتصالات أو التجزئة أو غيرها. وهذه الظاهرة لها آثار اقتصادية واجتماعية ممتدة، قد يعاني المجتمع منها لعقود ان خرجت عن السيطرة.
لذلك أرجو أن يكون ذلك ناقوس خطر لكل المتصارعين على السلطة والمتباهين بأعدادهم وحشدهم أن يعوا أهمية مناقشة وتسوية هذه الخلافات في جو أكثر تحضراً خشية أن يحدث ما لا يحمد عقباه وحينها سيدفع الجميع الثمن. 

عمر الشنيطي
٢-ديسمبر- ٢٠١٢

نُشر هذا المقال فى "جريدة الوطن"


No comments:

Post a Comment