Friday, December 25, 2015

التحالف الإسلامى والدعم الاقتصادى

عد عامين من الآمال الاقتصادية العريضة، سادت حالة من الرؤية السلبية على الاقتصاد الذى بدا فى وضع حرج فى الأشهر القليلة الماضية مع الحديث الدائم عن أزمة الدولار وما صاحب ذلك من تخفيض فعلى للجنيه ثم رفعه سريعا بعد ذلك. هذا الاضطراب فى سوق العملة كان له أثره على الواردات والصادرات على حد سواء مما انعكس على معدلات الإنتاج والتصنيع المحلى. كما شهدت الفترة الأخيرة موجة من ارتفاع الأسعار أصبح من الصعب إنكارها مما دفع الدولة بمؤسساتها المختلفة للتحرك وإنقاذ الوضع. 

كان للدعم الخليجى بعد ٣٠ يونيو دور كبير فى تحسين الاقتصاد لكنه تراجع خلال ٢٠١٥ بسبب انخفاض أسعار البترول ووجود خلافات واضحة بين السياسة السعودية والمصرية مما عقد الوضع الاقتصادى الداخلى حتى تعالت أصوات الشكوى من ضيق الحال. وفى ظل تلك المعطيات، أصبح جليا أن على الحكومة أن تنمى مواردها من استثمارات أجنبية وسياحية لكن وضع المنطقة الملتهب وحادثة الطائرة الروسية أنهيا ذلك التصور مما دفع الحكومة للجوء للمؤسسات المالية العالمية مثل البنك الدولى والبنوك التنموية، وهو ما يتطلب تطبيق إصلاحات اقتصادية صارمة قد يكون لها تكلفة اجتماعية وربما سياسية كبيرة.

لم تكن هناك خيارات أخرى فى ظل التوقعات بأن تشهد ٢٠١٦ وضعا اقتصاديا حرجا. لكن المفاجئ أن الحكومة أخذت بعين الاعتبار الوضع الاجتماعى الملتهب فجاء الإعلان عن العديد من المبادرات للسيطرة على الأسعار، كما انتهج البنك المركزى سياسة واضحة للدفاع عن الجنيه. بدا ٢٠١٦ عام المقاربات والخيارات الصعبة لتحقيق معدلات نمو متواضعة مع الحفاظ على مستويات الأسعار مما يحد من التدهور السريع فى الاقتصاد.

وبينما يتأهب الجميع لعام اقتصادى صعب، تم الإعلان عن التحالف الإسلامى الذى تقوده السعودية، ويشمل ٣٤ دولة أخرى لمحاربة الإرهاب. وأعلنت السعودية انضمام مصر للتحالف مع التنويه عن دور استراتيجى لمصر فى التحالف. فبدا واضحا وجود تقارب مرة أخرى بين الموقف المصرى والسعودى إزاء قضايا المنطقة بما فيها سوريا. ومع انضمام مصر، تم الإعلان عن دعم اقتصادى سعودى كبير لمصر يشمل شحنات مواد بترولية لمدة ٥ سنوات وزيادة الاستثمارات السعودية لتصل إلى ٨ مليارات دولار، وكذلك شراء سندات حكومية لتمويل عجز الموازنة المصرية.

وعلى الرغم من عدم وضوح حجم الدعم هذه المرة وجدوله الزمنى وشكل الاستثمارات المرصودة فإن ذلك الدعم يظل كبيرا بما يكفى لتحسين الوضع الاقتصادى على المدى القصير وسيوفر عملة صعبة تحد من الضغط على الجنيه. تلك الآثار الإيجابية كفيلة بتغيير الرؤية السلبية الحادة التى سادت أخيرا تجاه الاقتصاد. ومما لا شك فيه أن ذلك الدعم سيعطى فرصة لتأخير بعض القرارات الحرجة مثل رفع دعم الطاقة أو تخفيض الجنيه وغيرها من القرارات، التى قد تكون ضرورية اقتصاديا لكن حرجة اجتماعيا وسياسيا.

على الرغم من إيجابيات الدعم السعودى فإنه يفتح الباب لعدة تساؤلات مهمة:
الأول: تزامن الإعلان عن انضمام مصر للتحالف مع الإعلان عن الدعم السعودى لمصر يجعل من الصعب فصل الحدثين عن بعضهما البعض لكن ليس واضحا حتى الآن دور مصر فى ذلك التحالف وتكلفة ذلك الاقتصادية والسياسية، وكذلك انعكاس ذلك على الوضع الأمنى والأعمال الإرهابية، التى قد تنتج عن ذلك انتقاما من الدور المصرى فى التحالف. 
الثانى: على الرغم من ضبابية بعض بنود الدعم السعودى فإن حجم ذلك الدعم ليس قليلاً، وهو ما يضع علامات استفهام حول قدرة السعودية على الوفاء به فى ظل عجز موازنة السعودية التى تخطت ١٠٠ مليار دولار فى العام الحالى، وهو ما سيزداد مع انخفاض أسعار البترول دون ٤٠ دولارا للبرميل أخيرا. كما أن تأزم الوضع الاقتصادى فى السعودية يجعل استدامة تلك النوعية من الدعم فرضية غير واقعية على المدى المتوسط.
الثالث: التحالف الإسلامى يشمل دولاً عدة منها دول الخليج مما يجعل من المنطقى التساؤل عما إذا كان الدعم، الذى ستتلقاه مصر سيأتى فقط من السعودية أم أنه ستكون هناك موجات لاحقة من دول خليجية أخرى. 
الرابع: مصر ليست حديثة عهد بالدعم الخارجى. فقد كان للدعم الخليجى بعد ٣٠ يونيو مفعول السحر فى انتشال الاقتصاد من أزمة طاحنة لكن ذلك الدعم السخى لم يقم بحل أمراض الاقتصاد المزمنة لكن كان كالمسكن الذى ذهب أثره بعد فترة لنعود للشكوى مرة أخرى. الدعم السعودى هذه المرة على الأرجح سيكون أقل من الدعم الخليجى السابق مما يقلل من قدرة ذلك الدعم على إحداث طفرة نوعية فى الاقتصاد. 
الخامس: ذهبت عشرات المليارات من الدولارات من الدعم الذى تلقته مصر المرة الماضية لسد عجز الموازنة، وليس للاستثمار فى مشروعات مستدامة تحرك عجلة الاقتصاد بشكل مستمر. ولذلك لا يظهر أثرا كبيرا لها الآن. والدعم السعودى فى صورة شراء سندات خزانة وتوفير مواد بترولية مهم جدا لكن يصب فى نفس الطريق بينما يظل الأمل أن تساهم الاستثمارات المرصودة فى تغيير ذلك النهج. 
السادس: تؤجل الدولة العديد من القرارات الحرجة مثل رفع الدعم وتخفيض الجنيه لأسباب اجتماعية وكذلك تعتمد على الحكومة والمؤسسة العسكرية فى إطلاق وتنفيذ مشروعات قومية عملاقة لدفع عجلة الاقتصاد لكن العام الماضى أثبت أن تلك السياسة لا تستطيع وحدها دفع الاقتصاد بشكل مستدام. وهنا يكمن السؤال المنطقى عما إذا كانت الحكومة ستعى الدرس وتشرع فى استخدام الاستثمارات لتشجيع القطاع الخاص أم أن الاستثمارات السعودية الجديدة ستكون بالشراكة مع الدولة ومؤسساتها السيادية على حساب خفوت نجم القطاع الخاص المحلى.
الدعم الاقتصادى السعودى، والذى تزامن مع إطلاق التحالف الإسلامى، لم يكن متوقعا لكنه طوق النجاة للاقتصاد المصرى على المدى القصير مما يجعل النظرة للوضع الاقتصادى فى ٢٠١٦ أفضل بعض الشىء من الصورة السلبية، التى سادت قبل الإعلان عن هذا الدعم لكن ستظل هناك تساؤلات حول استدامة ذلك الدعم وطريقة الحكومة فى التعامل معه.


عمر الشنيطى
25 - ديسمبر- 2015
نُشر هذا المقال فى "جريدة الشروق"

Sunday, December 13, 2015

اليوان الصينى يتقدم للأمام

لحديث عن الطفرة الاقتصادية التى شهدتها الصين، كان السمة الأبرز على الصعيد الاقتصادى العالمى فى السنوات الأخيرة. وعلى الرغم من معدلات النمو المرتفعة وحجم الصادرات الكبير الذى حول الصين لمصنع العالم إلا أن العملة الصينية «اليوان»، لم يكن لها نفس حظ الدولار أو اليورو فى المعاملات العالمية. لكن هذا الوضع فى طريقه للتغير بعد أن أقر صندوق النقد الدولى أخيرا ضم «اليوان» لسلة العملات العالمية التى تحدد قيمة حقوق السحب الخاصة وتلك خطوة كبيرة لليوان والصين بشكل عام.


وقام صندوق النقد الدولى، باستحداث حقوق السحب الخاصة فى ١٩٦٩ كمكمل للأصول الرسمية الخاصة بالبلدان الأعضاء فى الصندوق. ويتم تحديد قيمة حقوق السحب الخاصة بناء على سلة عملات تشمل الدولار الأمريكى واليورو والين اليابانى والجنيه الإسترلينى، وتم الإعلان عن إضافة اليوان الصينى بداية من أكتوبر ٢٠١٦. حقوق السحب الخاصة لا تعتبر عملة عادية يمكن استخدامها من قبل الشركات والأفراد، لكن يستخدمها صندوق النقد كعملة افتراضية أو وحدة قياس فى معاملاته مع الدول الأعضاء. وبلغ إجمالى حقوق السحب الخاصة المصدرة ٢٠٤ مليارات، وهو ما يعادل ٢٨٠ مليار دولار موزعة على أعضاء الصندوق.
وكان الاقتصاد الصينى قد شهد طفرة كبيرة فى العقود الأخيرة، كانت محط اهتمام العالم، حيث حافظ الاقتصاد الصينى على معدلات نمو غير مسبوقة لفترة طويلة. الملفت للنظر هو قدرة الصين الكبيرة على تصدير مختلف المنتجات، سواء البسيطة أو المتقدمة لشتى دول العالم، حتى أصبح أغلب ما نشتريه من منتجات صنعت فى الصين. وتلك المنتجات تطورت من منتجات مقلدة رديئة لمنتجات متقدمة عالية الجودة، حتى إن الكثير من الشركات الأمريكية والأوروبية نقلت مصانعها للصين.

ولعل الصادرات الصينية هى السبب الرئيسى وراء ضم اليوان، حيث يحدد صندوق النقد شرطين أساسيين لضم العملات لتلك السلة المرموقة. الشرط الأول هو حجم صادرات البلد المصدرة للعملة، حيث من الضرورى أن يكون حجم صادرات البلد كبيرا بما يكفى ليعكس أهمية تلك البلد فى الاقتصاد العالمى. 

وتحتل الصين المركز الثالث عالميا من حيث حجم الصادرات فى السنوات الخمسة الأخيرة. الجدير بالذكر، أن الصين تحتل المركز الثانى عالميا من حيث حجم الاقتصاد، إلا أن ذلك لا يساهم كثيرا فى ضم اليوان لسلة العملات المرموقة، التى تهتم بحجم الاقتصاد والتبادل التجارى مع الاقتصاد العالمى فى المقام الأول.

أما الشرط الثانى فهو أن تكون العملة قابلة للاستخدام الحر، وهو ما يتطلب الاستخدام الواسع للعملة لتسوية المعاملات التجارية الدولية ليس فقط بين تلك الدولة وشركائها التجاريين، ولكن أيضا بين مختلف دول العالم بعضها البعض، وكذلك انتشار استخدام تلك العملة فى البورصات وأسواق المال العالمية المختلفة. الاستخدام الحر للعملة، يعكس ثقة العالم فى تلك العملة وموافقتهم على التعامل بها فى المعاملات المالية المختلفة، مما يسمح للدول الأعضاء فى صندوق النقد التعامل باستخدام حقوق السحب الخاصة أو تحويلها بسلاسة لأى من العملات الرئيسية فى سلة العملات المرموقة.

الجدير بالذكر، أن ٣٨ بنكا مركزيا حول العالم يستخدمون اليوان كأحد أصول احتياطى النقد الأجنبى الخاص بهم، مما يجعلها عملة عالمية. التقدم الكبير الذى أحرزته الصين من حيث حجم الصادرات واتساع استخدام اليوان عالميا جعلا اليوان مؤهلا للانضمام لسلة عملات حقوق السحب الخاصة. وبناء على تشكيل السلة الجديد، سيمثل الدولار ٤٢٪ واليورو ٣١٪، بينما اليوان المنضم حديثا ١١٪، أما الين والإسترلينى فسيمثل كلا منهما ٨٪ من وزن السلة.

لكن هذه الخطوة الكبيرة للصين لم تمر بدون العديد من التحفظات الغربية. فمن ناحية، البنك المركزى الصينى يتحكم فى سعر صرف اليوان ولا يتركه يتغير بمرونة مع قوى العرض والطلب فى السوق. ولعل ذلك كان سر الخلاف مع أمريكا التى دائما ما تتهم الصين بشن حرب عملات بخفض قيمة اليوان مقابل العملات الأجنبية لزيادة الصادرات الصينية مع مطالبة أمريكا الدائمة للصين برفع قيمة اليوان. وهذا التحفظ قد تزايد مع قيام الصين الصيف الماضى بخفض قيمة اليوان أمام العملات الأجنبية على غير المتوقع لتشجيع الصادرات الصينية وتنشيط الاقتصاد، وهو ما دفع لموجة من التخفيض فى عملات الأسواق الناشئة.

على نفس الصعيد، فإن البنك المركزى الصينى يضع العديد من العوائق أمام تحويل العملة الأجنبية خارج الصين، وهو تحفظ دائم للمستثمرين الأجانب فى الصين، وزاد هذا التحفظ بطبيعة الحال بعد أزمة البورصة الصيف الماضى، وما عقبها من عراقيل للتحويلات. بعيدا عن إجراءات البنك المركزى الصينى الجدلية، فإن اليوان يواجه تحديا حقيقيا وهو قلة حجم السندات المصدرة والمتداولة باليوان والتى تبلغ نحو ١٫٤٪ فقط من السندات المتداولة عالميا وتلك نسبة متدنية مقارنة بالدولار الأمريكى. 

لكن تلك التحفظات مردود عليها إلى حد كبير. فالين اليابانى والجنيه الإسترلينى كانتا ضمن سلة عملات حقوق السحب الخاصة فى فترات كانت تلك العملات تدار من قبل بنوكها المركزية ولم يكن سعر صرفها متروكا تماما للسوق. كما أن تلك الدول كانت تضع عوائق لحركة رءوس الأموال الأجنبية، لكن ذلك لم يمنع عملاتها من أن تكون قابلة للاستخدام الحر وتنال ثقة أسواق المال العالمية. كما أن ضآلة حجم السندات المتداولة باليوان، قد تكون نتيجة وليس سببا لعدم اعتماد اليوان كعملة عالمية سابقا وأن ذلك الوضع سيتغير تدريجيا فى الفترة القادمة مع انضمام اليوان لمصاف العملات المرموقة، مما سيساعد الصين على إصدار المزيد من السندات باليوان ويشجع بالتبعية العديد من الدول على إصدار سندات أجنبية باليوان، وكذلك الاستثمار فى سندات باليوان كجزء من احتياطى النقد الأجنبى.

قرار صندوق النقد بضم اليوان لسلة عملات حقوق السحب الخاصة، خطوة كبيرة للصين وتتويج لجهود إصلاح اقتصادها وسيظل أمام الصين طريق طويل لإثبات أن اليوان عملة عالمية يمكن التعامل بها بسلاسة وأمان، مثل الدولار واليورو، لكن مما لا شك فيه أن تلك الخطوة ستفتح بابا للصين والعديد من شركائها التجاريين كمصر للاعتماد على اليوان بشكل أكبر.


عمر الشنيطى


11 - ديسمبر- 2015
نُشر هذا المقال فى "جريدة الشروق"

Wednesday, December 9, 2015

New Suez Canal: A hostage of the global economy

The Suez Canal is one of the most important global waterways, with a tenth of the world’s trade passing through it. For Egyptians, the importance of the Suez Canal extends far beyond the thousands of Egyptians who died while digging it 150 years ago. Most Egyptians feel proud when they remember Gamal Abdel-Nasser nationalising the canal in the 1950s to use its proceeds to finance the High Dam in Aswan.

The revenues of the Suez Canal, despite being a strategic national asset, for decades have been too small when compared to its strategic importance. Revenues at best reached little more than $5 billion. For years, experts have been talking about developing the Suez Canal area with master plans proposed to create an added value for the traffic passing, but nothing materialised, at least until recently.

Last year, the Suez Canal region became the focal point of economic development strategy in the country. With the launch of a major development project in the area, people expected it to be for the development of the axis around the canal. They were surprised to find that the development will be directed towards the canal itself, with the widening and deepening of the current waterway, digging a new parallel canal as well as digging a few tunnels under the canal.

The development project, branded the “New Suez Canal”, received huge media coverage as a national project, and LE64 billion worth of investment certificates were raised from the public to finance it. There were still, however, many question about the viability of the mega-ventures from various experts, although the general public was happy to see national projects launched.

Looking at the project from an objective lens, the widening and deepening part looked straightforward: the canal needed to accommodate larger ships, which are becoming the trend in the shipping industry.

Still, digging a new waterway seemed like a very questionable venture. It was supposed to raise the capacity of the canal but the old capacity was not fully used. Saving passing time was an expected outcome, which is definitely positive, but its incremental return is not significant.

Digging tunnels was meant to allow for the smooth flow of people and goods to and from Sinai. It is definitely a positive and will increase local trade as well as development of the Sinai. But digging such tunnels is a long-term infrastructure project.

As such, going for nine tunnels in the short or even medium term is questionable, especially at a time of scarce financing and a huge backlog of delayed investment projects across the country.

With the launch of the new canal, reality turned too far from expectations, simply because of the latest dynamics in the global economy. The coincidence of recession in Europe with the economic slowdown in China has resulted in decreased global trade growth, which was reflected in decreased traffic going through the Suez Canal and, accordingly, lower revenues, against all official expectations. Revenues dropped by more than 20 per cent in last fiscal year.

Traffic is dependent on global trade, which has fluctuated over the last decade, growing at around eight per cent during 2004-2007, then declining by more than a tenth during 2008-2009 as a result of the financial crisis, then recovering its losses in 2010-2011.

After that, it maintained a slow growth rate of between two and three per cent during 2012-2014, before declining in 2015. Such developments have been directly reflected in the fluctuation of Suez Canal revenues.

With the current negative trade growth outlook, Suez Canal revenues are not expected to live up to official estimates and will probably stay lower than 2013-2014 levels for the coming couple of years, before global trade picks up again.

The decrease in dollar revenues is definitely bad news for the Central Bank. After deducting interest expenses on the certificates, the net cash going to the government will witness a considerable decline in the short term.

The Suez Canal Authority shouldn’t have a problem covering interest expenses and, later on, refinancing the certificates when they mature by issuing new certificates. Hopefully, in a few years, global trade will recover and revenues will rebound to repay the cost of the expansion project, but this will take quite a long time to happen. In addition, the return on the tunnels will take years if not decades to materialise given that tunnels are long-term infrastructure investments.

Despite the disappointing results of the New Suez Canal, the government proceeded with the development of the Suez Canal axis with the launch of the development of the East Port Said area. This includes digging a new waterway connecting the port there with the Mediterranean, and establishing a few industrial zones and new residential extensions to Port Said and Ismailia cities. A few highways will also be established to connect the area with the national road network.

Developing the Suez Canal axis is overdue. The area was neglected for decades, without serious development despite its great potential. The launch of such a development project after disappointing results so far from the New Suez Canal highlights the determination of the government to develop the area and turn it into a key driver for economic development in the country.

In contrast to the New Suez Canal, the development of East Port Said is limited in cost. The new waterway has been on the table for years as it connects the port to the Mediterranean, thus easing access to the port without the need for ships to go through the Suez Canal, which should reflect positively on competitiveness of the port and its revenues.

However, it is unclear how much the new waterway will cost and how this cost will be allocated between the Egyptian government and port operator.

The development of East Port Said should revive the area. Yet like any infrastructure project, its returns are long term by nature. The development of this phase is not as costly as the New Suez Canal that was launched last year, while its long-term sustainable returns could be much higher.

From an economic standpoint, the development of the axis, including projects like East Port Said, should have taken priority over digging the New Suez Canal.

Despite such huge potential, the materialisation of these results depends heavily on foreign investments. The new industrial zones are expected to attract foreign investors and companies to establish plants and global logistics centres in the area, which would lead to hiring people that move with their families to live in the new residential areas. As a result, the new road connections will be used to move people and goods across the country.

Foreign companies should be interested in being present in such a strategic axis but probably not in the short term. The negative global economic outlook means that companies will shy away from making big investments.

The turbulent political and security situation regionally will also mean that investors follow a “wait and see” approach. So again, the development of the Suez Canal area has fallen hostage to the global economy, which doesn’t seem favourable in the short term.

Bottom line: the development of the Suez Canal is an indisputable gain and was long overdue, but its returns depend heavily on the state of the global economy. The results of the New Suez Canal have been so far disappointing because of the slowdown in global trade.

The launch of axis development seems like a step in the right direction, but its results will take several years to materialise, given the slowdown in the global economy. This will delay the flow of foreign investment needed to develop the area and achieve the expected results. So we had better manage our expectations.


Omar El-Shenety
9 December 2015 
This article was published in "Al Ahram Weekly"

Tuesday, December 1, 2015

التعايش مع العزلة الاقتصادية

شهد الاقتصاد المصرى عامين ونصف العام من الركود بداية من ٢٠١١ بسبب الاضطرابات السياسية والتى دفعت الكثير من المستثمرين لتقليص استثماراتهم وعدم التوسع فيها حتى استقرار الأوضاع. بعد ٣٠ يونيو، بدا أن الاقتصاد سيتعافى سريعا معتمدا على الدعم الخارجى، حيث تلقى الاقتصاد ما يزيد على ٢٠ مليار دولار من المساعدات والمنح الخليجية فى المرحلة الانتقالية التى تلت ٣٠ يونيو.
مع انتهاء المرحلة الانتقالية، كان من المفترض أن يتحول الدعم الخارجى من منح خليجية إلى استثمارات خليجية وأجنبية على حد سواء بناء على خطة الحكومة، والتى كانت ترمى لجذب تدفقات خارجية لدفع معدلات النمو وخلق فرص عمل. بدت هذه الخطة حينها مثالية إلى حد كبير؛ فخزائن الخليج كانت مفتوحة على مصراعيها والصورة السياسية فى مصر كانت فى طريقها للإكتمال مما كان يوحى بأن تدفق الاستثمارات لن يكون مستحيلاً، وإن اختلفت التوقعات حول حجم تلك الاستثمارات وتوقيتها.
ولجذب تلك الاستثمارات، تم عقد مؤتمر شرم الشيخ مطلع العام والذى خرج فى صورة رائعة وكانت له مكاسب سياسية لكن المكاسب الاقتصادية للمؤتمر تم تضخيمها إعلاميا بالحديث عن عشرات المليارات من الدولارات كاستثمارات، وتلك الأرقام لم تكن واقعية. على الرغم من التضخيم فإنه كانت هناك فرصة حقيقة لجذب استثمارات تستطيع دفع الاقتصاد. لكن العديد من الأحداث غيرت المشهد فى الأشهر الأخيرة. فثروات الخليج المتراكمة بدأت فى التآكل مع الانخفاض الحاد فى أسعار البترول والذى يبدو أنه سيستمر لفترة. كما أن حرب اليمن أثقلت ميزانيات دول الخليج خاصة السعودية مما أدى إلى تراجع الدعم الخليجى.
ومع تراجع الدعم الخليجى، برز الدور المحتمل للشركات الأوروبية، والتى كانت تمثل قرابة ٨٠٪ من الاستثمارات الأجنبية قبل ٢٠١١ لكن الواقع أن أوروبا لا تزال تعانى من أزمة اقتصادية منذ الأزمة المالية العالمية فى ٢٠٠٨ بل إن الوضع قد تفاقم مع تصاعد أزمة الديون اليونانية. مع تقلص الدور الغربى، زادت أهمية روسيا والصين. لكن روسيا أصابها فيروس انخفاض أسعار البترول وأقعدها عن دعم الاقتصاد المصرى، أما الصين، والتى كانت تخطط للعب دور اقتصادى عالمى تعرضت لأزمة اقتصادية أدت إلى تراجع معدلات نمو الاقتصاد والصادرات.
تراجع مصادر الاستثمارات الأجنبية لم يكن أمرا جيدا لكن ما زاد الأمر سوءا هو تزامن ذلك مع العديد من التطورات السلبية حيث أدى تزامن الركود فى أوروبا والصين فى آن واحد إلى تراجع معدلات التجارة العالمية مما كان له أثرا سلبيا على تراجع إيرادات قناة السويس على الرغم من مشروع قناة السويس الجديدة والذى كان من المفترض أن يؤدى لزيادة الايرادات وإن كان حجم الزيادة محل جدل منذ إطلاق المشروع. وبينما يحدث كل ذلك، اتجهت الأنظار لقطاع السياحة كمصدر للعملة الصعبة وفرص العمل خاصة بعد أن أظهر القطاع تحسنا كبيرا خلال العام الماضى لكن مرة أخرى تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن ويأتى سقوط الطائرة الروسية كضربة قاصمة لهذا القطاع.
مصر ليست حديثة عهد بالإرهاب حيث شهدت أحداث عديدة خلال العقود الأخيرة قد يكون من أبرزها مجزرة الأقصر فى أواخر التسعينيات لكن هذه المرة قد تكون مختلفة بسبب الضجة الإعلامية، التى صاحبت الحادث عالميا والتأكيد دوليا على تفجير الطائرة مما دفع روسيا، مصدر السياحة الأول لمصر، لإجلاء السياح الروس وحذوت إنجلترا حذوها. ردود الأفعال إمتدت لتشمل توقف الطيران الروسى لمصر والعكس، كما اتخذت العديد من شركات الطيران إجراءات جديدة فى التعامل مع رحلات السفر من مصر. إضافة إلى ذلك، وضعت السلطات الأمريكية شروطا صعبة لشحن المنتجات المصرية جوا مما يؤثر على الصادرات المصرية وقدرتها على النمو.
تراجع الاستثمارات الأجنبية وإيرادات القناة والسياحة وكذلك القيود على الصادرات تدخل الاقتصاد المصرى فى حالة من العزلة النسبية عن باقى العالم. العزلة الاقتصادية ليست خبرا جيدا خاصة فى ظل حاجة الاقتصاد لتدفقات خارجية لكن من ناحية أخرى تلك العزلة ليست نهاية العالم لو تم إدراك الوضع والتعامل معه بحكمة. الجيد فى هذا الصدد أن بعض التوجهات الاقتصادية أخيرا توحى ببوادر لإدراك الوضع. ويبرز فى ذلك السياق التوجه العام للدفاع عن الجنيه برفع سعر الفائدة على ودائع الجنيه لتشجيع المدخرين على التنازل عن الدولار وكذلك زيادة سعر الجنيه أمام الدولار بعد أن أصبح جليا أن تخفيض الجنيه لن يؤدى لجذب الاستثمارات الأجنبية المتراجعة لأسباب سياسية وأمنية فى الأساس.
على الرغم من ذلك، قد يلجأ البنك المركزى لتخفيض الجنيه فى المستقبل لكن حينما يتضح أن ذلك سيؤدى فعلاً لجذب استثمارات أجنبية. يمكن أيضا النظر لتركيز الحكومة على قضية محاربة التضخم من خلال مبادارات وزارة التموين والمؤسسة العسكرية على أنه إدراك أن مشكلة التضخم أصبحت لا تطاق وأن الناس كان يمكن أن تتحمل التضخم لو وجدوا تحسنا ملموسا من فرص عمل وزيادة رواتب لكن بما أن ذلك غير متاح على المدى القصير وربما المتوسط، فمن الضرورى السيطرة على التضخم الذى يفقر الناس تدريجيا. كما يوضح تركيز الحكومة على الاقتراض من المؤسسات المالية العالمية مثل البنك الدولى إدراك التغيرات الاقتصادية المحيطة وتغير أوضاع الداعمين للاقتصاد المصرى فى العام الأخير.
إدراك حقيقة الوضع أمر مهم ومن الضرورى أيضا تبنى توجهات أخرى يأتى على رأسها إعادة النظر فى المشروعات القومية العملاقة باهظة التكلفة والممولة بقروض مكلفة لكن يتطلب العائد عليها فترات طويلة. من ناحية أخرى، من الضرورى تشجيع القطاع الخاص فى وقت يواجه فيه العديد من التحديات مثل عدم توافر التمويل وارتفاع تكلفته. ومن المفيد أيضا أن يعيد البنك المركزى النظر فى قيود إيداع الدولار والتى أدت إلى تراجع الواردات، لكن تراجعت معها معدلات الإنتاج المحلى والتصدير مما عمق الأزمة الاقتصادية. تتجلى ملامح العزلة الاقتصادية تدريجيا، وقد لا يكون هناك مناص منها على المدى القصير، لكن سرعة الحكومة فى إدارك الوضع والتعامل معه قد يخفف من حدة الأزمة ويساعد على التعايش معها مرحليا.
عمر الشنيطى
1 - ديسمبر- 2015
نُشر هذا المقال فى "جريدة الشروق"

Friday, November 13, 2015

السياسة النقدية بين الدفاع عن الجنيه وتمويل الحكومة

ارتبط ذكر البنك المركزى أخيرا بأزمة الدولار وكأن البنك المركزى لا يفعل شيئا سوى إدارة سعر الصرف. لكن الحقيقة أن دور البنك المركزى أكبر من ذلك، حيث من المفترض أنه يدير السياسة النقدية التى تختص بإدارة المعروض من النقد فى الاقتصاد لإحداث توازن بين معدلات نمو الاقتصاد وخلق فرص العمل من ناحية وضبط مستويات الأسعار من ناحية أخرى.

ويتمتع البنك المركزى فى أغلب الدول باستقلالية كبيرة حتى لا يتم إساءة استخدام أدواته لتحقيق مكاسب سياسية على المدى القصير بالتوسع فى طباعة النقد على حساب ارتفاع الأسعار بعد ذلك. ويعتمد البنك المركزى على مجموعة من الأدوات التقليدية، إذ يعتبر سعر فائدة الإقراض بين البنك المركزى والبنوك التجارية هو الأداة الأهم حيث إنها تؤثر على أغلب أسعار الفائدة فى الاقتصاد. فحينما يرى البنك المركزى بوادر للركود يشرع فى خفض سعر الفائدة مما يؤدى إلى خفض تكلفة اقتراض الشركات من البنوك بالتبعية مما يشجع الشركات على الاقتراض والتوسع فى الاستثمار للخروج من الركود.

على صعيد آخر، هناك أدوات غير تقليدية استحدثتها البنوك المركزية أخيرا لإدارة السياسة النقدية ويأتى على رأسها التيسير الكمى حيث يقوم البنك المركزى بطباعة كمية كبيرة من النقد وشراء السندات الحكومية لتوسيع الإنفاق الحكومى الهادف لتنشيط الاقتصاد. لكن تلك الأداة غير التقليدية عادة ما تلجأ لها البنوك المركزية فى وقت الأزمات الشديدة، فبعد وصول سعر الفائدة لمستويات متدنية تفقد هذه الأداة التقليدية أثرها وتجعل من الضرورى اللجوء لحلول خارج الصندوق لفترة محدودة حتى انتهاء الأزمة، على أن يكون النقد المطبوع مستخدما لتنشيط الاستثمار وإنعاش الاقتصاد.

بالنظر للاقتصاد المصرى، فإن السياسة النقدية تعتبر تقشفية مع سعر فائدة مرتفع إلى حد كبير مما يؤثر سلبا على معدلات اقتراض الشركات وبالتالى معدلات الاستثمار والنمو فى وقت لم يخرج فيه الاقتصاد بعد من الركود وهذا التوجه التقشفى يعيق فرص النمو السريع للاقتصاد. كما أن تلك السياسة تعنى تكلفة خدمة دين مرتفعة على كاهل الحكومة المعتمدة بشكل كبير على الاقتراض المحلى. قد يبدو من الكلام السابق أن تلك السياسة غير مبررة لكن البنك المركزى ينتهجها للدفاع عن الجنيه والذى يعانى ضغطا كبيرا أخيرا نتيجة الفجوة بين الواردات والصادرات والتى لا تستطيع عوائد السياحة والاستثمارات الأجنبية المتواضعة حاليا سدها.

فى خضم ذلك، يحاول البنك المركزى الدفاع عن الجنيه منعا لخروج مستويات الأسعار عن السيطرة. ولعل إحدى الأدوات هو رفع سعر الفائدة على الجنيه حتى يصبح هناك فارق كبير بين العائد على ودائع الجنيه والدولار مما يشجع الأفراد على تحويل مدخراتهم من دولار لجنيه والاستثمار فى شهادات استثمار بالجنيه. لكن المشكلة الحقيقة أن العائد الحقيقى على ودائع الجنيه على الأغلب سالبا حيث إن العائد الأسمى على الودائع مقارب لمعدلات التضخم مما يعنى عدم زيادة قيمة المدخرات حتى بعد تراكم العائد ولعل ذلك ما دفع الكثيرين للتسابق على الاستثمار العقارى كمخزن للقيمة.

مع التوجه العام أخيرا لرفع سعر فائدة ودائع البنوك وكذلك التباطؤ النسبى فى السوق العقارية، فإن بعض المدخرين قد يلجأون للاستثمار فى ودائع البنوك بالجنيه مما يخفف الضغط على الجنيه. وعلى الرغم من ارتفاع الجنيه أخيرا إلا أن الفجوة بين السعر الرسمى والسوق الموازية فى اتساع مما قد يدفع البنك المركزى لتخفيض الجنيه بعد فترة لجذب المؤسسات المالية الأجنبية للاستثمار فى السندات الحكومية بعد أن هجروها منذ ٢٠١١ حينما كانت استثماراتهم تقارب ١٠ مليارات دولار. رجوع تلك الاستثمارات سيساعد على دعم موارد الاقتصاد الدولارية لكن التخفيض سيؤدى للمزيد من التضخم.

من الجدير بالذكر أن أزمة الدولار ليست وليدة اللحظة لكنها تفاقمت خلال الأشهر الأخيرة مع قرار وضع حد أقصى لإيداع الدولار فى البنوك. وهذا القرار المثير للجدل كان يهدف لضرب السوق الموازية للعملة والقضاء على ظاهرة الدولرة للتخفيف من حدة الطلب على الدولار ليقتصر على استيراد المنتجات الأساسية. لكن القرار كان له ردة فعل سلبية حيث إنه أوصل رسالة للسوق عن عدم قدرة المركزى على توفير الدولار اللازم للدفاع عن الجنيه مما دفع الأفراد لزيادة الطلب على الدولار تحسبا لارتفاعه. لكن الأهم أن ذلك القرار قد حول مسئولية تدبير العملة من التجار والمستوردين إلى البنك المركزى مما كان له أثر سلبى على توافر العديد من السلع والمواد الخام المستوردة وأدى إلى حالة من الاستياء الكبير عبر عنها العديد من التجار والمصنعين على حد سواء.

ثم أتى سقوط الطائرة الروسية ليضرب قطاع السياحة فى مقتل على المدى القصير ويزيد من حدة الضغوط على الجنيه. لكن هناك جانب آخر للبنك المركزى وهو دوره فى تمويل الدين الحكومى حيث قام البنك المركزى فى العام المالى الحالى بمضاعفة استثماراته فى السندات الحكومية عن طريق طباعة النقد وهو ما يؤدى بطبيعة الحال لارتفاع الأسعار. قد يلجأ البنك المركزى الذى أصبح الممول الأكبر للدين الحكومى أخيرا، على غير المعتاد، للحفاظ على سعر فائدة السندات الحكومية الحالى بدون زيادة كبيرة خلال المرحلة القادمة منعا لتفاقم عجز الموازنة.

بالنظر للصورة الكلية نجد سياسة نقدية تقشفية تعتمد على سعر فائدة مرتفع بهدف الدفاع عن الجنيه فى الأساس وكذلك السيطرة على التضخم لكن يأتى ذلك على حساب تراجع معدلات الاستثمار والنمو وخلق فرص العمل. بينما من ناحية أخرى نجد سياسة نقدية توسعية بطباعة النقد لتمويل عجز الموازنة مما يؤدى لتفاقم التضخم. الجمع بين تلك السياستين يوضح أن السياسة النقدية تم اختزالها أخيرا فى الدفاع عن الجنيه وتمويل عجز الموازنة فى الأساس. ومع التغيير فى قيادة البنك المركزى، يظل الوضع حرجا والقيادة الجديدة فى موقف لا تحسد عليه لكن قد يكون من المفيد إعادة النظر فى السياسة النقدية بشكل استراتيجى والعمل على تغيير أدوات إدارة سعر الصرف التى أثبت الوقت أن ضررها أكبر من نفعها.

عمر الشنيطى
13 - نوفمبر - 2015
نُشر هذا المقال فى "جريدة الشروق"

Saturday, October 31, 2015

فلسفة فرض الضرائب فى مصر

أثارت ضريبة تذاكر السفر موجة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعى. الواقع أن تلك الضريبة معمول بها منذ فترة والقرار جاء لزيادة تلك الضريبة بشكل محدود التأثير على أسعار التذاكر، إضافة إلى أنه لا يسافر خارج مصر إلا نسبة ضئيلة من السكان. تشير موجة الاعتراض إلى خوف الناس من تطبيق حزمة من الضرائب فى الفترة القادمة مما يؤثر على دخل الناس الحقيقى، بينما ــ على التوازى ــ قامت الحكومة فى مطلع العام بتخفيض الضريبة على الشركات وتوحيدها لتقف عند ٢٢٫٥٪ فقط مما يوحى بغياب رؤية ضريبية متوازنة.
النظر للمالية العامة للدولة يوضح ارتفاعا كبيرا فى عجز الموازنة. فقد سجل البيان الختامى للعام المالى الماضى عجزا قدره ١٢٫٣٪ بينما كان المستهدف ١٠٪ فى بداية العام على الرغم من قيام الحكومة بخفض دعم الطاقة وانخفاض أسعار البترول بشكل كبير خلال العام. كما أن الشهرين الأولين من العام المالى الحالى قد شهدا إجمالى عجز وصل إلى ٦٨ مليار جنيه. فإذا استمر الحال على ذلك النحو، فإن العجز النهائى لهذا العام المالى سيتراوح بين ٣٥٠ــ٤٠٠ مليار جنيه وهو أعلى بكثير من المستهدف وسيزيد من عبء تمويل عجز الموازنة محليا. وإذا كانت الحكومة عملت على خفض النفقات وعلى رأسها الدعم فى العام الماضى، فإنها بالتأكيد ستلجأ هذا العام لزيادة الإيرادات الضريبية عن طريق فرض ضرائب جديدة ورفع كفاءته تحصيل الضرائب.
جدير بالذكر أن الحصيلة الضريبية تمثل قرابة ٦٨٪ من إجمالى إيرادات الموازنة لكنها على الناحية الأخرى تمثل ٤٩٪ من إجمالى المصروفات و١٥٪ فقط من الناتج المحلى هذا العام وهى نسب متواضعة مقارنة بدول مماثلة. كما أن الاقتصاد غير الرسمى يمثل نسبة لا يمكن الاستهانة بها تقدر بنحو نصف الاقتصاد الرسمى وبطبيعة الحال لا يتم تحصيل ضرائب من ذلك القطاع مما يجعل من الضرورى العمل على دمجه وتحصيل ضرائب منه ولعل ذلك هو الهدف الأساسى من تطبيق ضريبة القيمة المضافة التى تم الإعلان عنها أخيرا. لكن هناك الكثير من المخاوف من تطبيق تلك الضريبة لما لها من أثر سلبى على ارتفاع الأسعار.

***

وبما أن الحكومة عليها العمل على زيادة الضرائب والتى مازالت فى مستويات منخفضة مقارنة بحجم الاقتصاد لخفض عجز الموازنة، فإن الفترة القادمة ستشهد بلا شك تطبيق للعديد من الضرائب الجديدة وكذلك العمل على توسيع القاعدة الضريبية (الأفراد والمؤسسات التى تدفع ضرائب) لزيادة الحصيلة الضريبية فى النهاية. وهذا التوجه الحتمى يطرح سؤالين هامين.
الأول: ما هى فلسفة النظام الضريبى فى مصر؟
يتعامل الناس فى مصر مع الضرائب على أنها شر لا بد منه. وتنبنى هذه النظرة على فكرة أن الضريبة حق للدولة وعلى المواطن أن يدفعها طالما يعيش فى الدولة أو يحمل جنسيتها بدون ربط الضرائب بمستوى الخدمات. ولعل هذا التصور هو السبب وراء تهرب الكثير من الأفراد والشركات من دفع الضرائب طالما كان ذلك متاحا. لكن تلك النظرة ليست بالضرورة النظرة الصحيحة. فالمواطن يقوم بدفع قيمة الخدمات الخاصة من أكل وشرب وملابس بشكل مباشر. بينما من المفترض أن الضريبة المحصلة هى ثمن الخدمات العامة من طرق وكبارى وأمن حيث تستخدم الحكومة الضرائب لتقديم تلك الخدمات. ومن هذه الزاوية، كلما شعر المواطن بتحسن الخدمات كلما انخفضت رغبته فى التهرب الضريبى.
من ناحية أخرى، الضريبة تعتبر إحدى وسائل السياسية المالية التى تستطيع الدولة استخدامها لتشجيع الاقتصاد وإعطاء ميزة تنافسية لبعض القطاعات مثل تشجيع المشروعات المتوسطة والصغيرة وتشجيع الشركات فى الصعيد وتشجيع مشروعات الطاقة المتجددة وهو ما يغيب عن السياسة الضريبية حاليا. مما سبق يتضح أن الضرائب يمكن النظر لها على أنها أكثر من مجرد شر لا بد منه لكن فى واقع الحال الفكرة الطاغية على المشهد المصرى هى فكرة حق الدولة فى فرض الضرائب وهو بالتأكيد أمر سلبى يحتاج لإعادة النظر سواء فى هيكلة النظام الضريبى أو فى التواصل مع المواطنين.
الثانى: ما هو توزيع العبء الضريبى على طبقات المجتمع؟
مع الحاجة لزيادة الحصيلة الضريبية، قامت الحكومة أخيرا بتخفيض الضريبة على الشركات عند مستوى ٢٢٫٥٪ آملة أن يؤدى ذلك لتشجيع الشركات على الاستثمار مما يؤدى لتحفيز النمو وخلق فرص عمل وزيادة أرباح الشركات بشكل كبير يزيد من الحصيلة الضريبية النهائية على الرغم من خفض نسبة الضريبة. وعلى الرغم من أن هذه النظرية ثبت قابلية تطبيقها فى مصر فى منتصف العقد الماضى إلا أن هناك علامات استفهام حول إمكانية تكرار نفس التجربة الآن فى ظل تراجع الاستثمارات الأجنبية بسبب وضع الاقتصاد العالمى المتقلب ووضع المنطقة السياسى الملتهب. ولذلك فإن خفض نسبة الضريبة الآن قد يكون له أثر سلبى على الحصيلة الضريبية بينما الأثر الإيجابى سيحتاج عدة سنوات للظهور.
من ناحية أخرى، سيكون على الحكومة العمل على زيادة الحصيلة الضريبية من فئات أخرى فى المجتمع ومن الواضح أن إحدى هذه الوسائل هى ضريبة القيمة المضافة والتى من المتوقع أن تضم جزءا من الاقتصاد غير الرسمى للحصيلة الضريبية وتحد من التهرب الضريبى بشكل فعال لكن ذلك سيأتى على حساب ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية فى السوق والتى يزداد أثرها كلما انخفض دخل الفرد نظرا لعدم قدرة محدودى الدخل على امتصاص ارتفاعات الأسعار. كما أن ارتفاع الأسعار سيؤدى لتآكل القوة الشرائية للطبقة المتوسطة والتى كانت العماد الذى يستند عليه الاقتصاد فى التصدى للتحديات الاقتصادية الكبيرة التى شهدها فى السنوات الأخيرة.
إذًا، التصور الضريبى الحالى سيحفز المستثمرين وسيؤدى لزيادة الحصيلة الضريبية على المدى المتوسط والبعيد بينما يخفض من القوة الشرائية للطبقة المتوسطة على المدى القصير. وفى وقت أصبح فيه لا مناص من زيادة الإيرادات الضريبية للسيطرة على عجز الموازنة، قد يكون من الحكمة إعادة النظر فى فلسفة النظام الضريبى والعمل على توزيع عبء الضرائب على فئات المجتمع بشكل متوازن دون المزيد من المساس بدخل الطبقة المتوسطة والإفقار لمحدودى الدخل.
عمر الشنيطى
31 - أكتوبر - 2015
نُشر هذا المقال فى "جريدة الشروق"

Saturday, October 17, 2015

خطر الإفراط في رفع التوقعات

قد يكون من المفيد النظر للمشروعات والقوانين التى تطلقها الحكومة لتحليل أثرها على الاقتصاد لكن من وقت لآخر من الضرورى إلقاء نظرة استراتيجية على السمات العامة للأداء الاقتصادى لقراءة المشهد الاقتصادى بشكل متوازن. وشهد العامان الماضيان الكثير من التطورات فى محاولة لإخراج الاقتصاد من الركود حيث أقدمت الحكومة على اتخاذ قرارات اقتصادية جريئة وإطلاق مشروعات قومية عملاقة، لكن هناك سِمة رئيسية أخرى وهى رفع سقف التوقعات لنتائج المشروعات المختلفة ويمكن تحديد أربعة مواطن ظهرت فيها تلك السِمة بوضوح.
الأول: موازنة العام الماضى: كان العجز المتوقع فى موازنة ٢٠١٤/٢٠١٥ قرابة ١٢٪ فى البداية وهو ما بدا متفائلا ومع ذلك اعترضت الرئاسة، فقامت وزارة المالية بتخفيض العجز بين عشية وضحاها إلى ١٠٪ وهو ما كان مستحيلا. وتمر الأيام ويحدث ما لما يكن متوقعا فتنخفض أسعار البترول لما دون النصف وهو ما بدوره خفض بند دعم الطاقة ومن ثم نسبة العجز بقرابة ١٪ ليصبح العجز المتوقع ٩٪ فقط. لكن البيان الختامى لميزانية العام الماضى أظهر عجزا ١٢٫٣٪ وهو ما يعنى أن العجز الحقيقى أكبر من المفترض بقرابة ٣٫٣٪ وهو ما يوازى قرابة ١٠٠ مليار جنيه.
الثانى: قناة السويس الجديدة: بعد تنصيب الرئيس بعدة أسابيع، تم إطلاق مشروع قناة السويس الجديدة. وعلى الرغم من جرأة إطلاق مشروع كهذا إلا أن البعض محليا وعالميا تحفظ عليه فى ذلك الوقت الحرج حيث إن مشروعات البنية التحية عوائدها طويلة الأمد. لكن ما كان مفاجئا هو التوقعات الرسمية بزيادة إيرادات القناة من ٥ إلى ١٣ مليار دولار بحلول ٢٠٢٣. على الرغم من منطقية بعض أجزاء المشروع وقدرتها على زيادة الإيرادات إلا أنه لم يبد منطقيا تحقيق تلك الزيادة الكبيرة حيث إن دخل القناة فى نهاية المطاف يعتمد على معدلات التجارة العالمية. ثم أتت الرياح بما لا تشتهى السفن حيث دبت أزمة اقتصادية فى الصين تزامنا مع الركود فى أوروبا مما أثر سلبا على معدلات التجارة العالمية وبالتالى إيرادات القناة الدولارية. فعلى الرغم من أن انخفاض سعر صرف الجنيه سيجعل إيرادات القناة بالجنيه تبدو جيدة وتجعل فوائد الشهادات بعيدة عن الخطر لكن بلا شك تحقيق الإيرادات المستهدفة أصبح بعيد المنال.
الثالث: الدعم الخليجى: كان للدعم الخليجى، الذى قارب ٢٠ مليار دولار، بالغ الأثر فى إنقاذ الاقتصاد بعد ٣٠ يونيو. وعلى الرغم من سخائه إلا أنه لم يكن من المنطقى استمراره خاصة بعد أن بدأت أسعار البترول فى الانخفاض، إلا أن التصريحات الرسمية كانت تؤكد على استدامته وما يستتبعه من تدفق الاستثمارات والحفاظ على سعر صرف الجنيه. لكن بنهاية ٢٠١٤، أصبح واضحا أن الدعم يتراجع مما ضغط على الجنيه الذى انخفض بقرابة ١٠٪ فى ٢٠١٥ ومازال تحت ضغط كبير مع تآكل احتياطى النقد الأجنبى.
الرابع: المؤتمر الاقتصادى: تم عقد المؤتمر الاقتصادى فى مطلع ٢٠١٥ لترويج الاستثمار فى مصر. وبالفعل خرج المؤتمر فى صورة مشرفة لكن خرج معه إعلان عن استثمارات بما يزيد على ١٠٠ مليار دولار مما أحدث حالة من البهجة العارمة وأوحى أن الوضع فى خلال عدة أشهر سيتغير تماما مع أنه من المنطقى أن يأخذ عدة سنوات. لكن بعد مرور ٦ أشهر، لم يتم تنفيذ الكثير من المشروعات التى تم الإعلان عنها وبلغ صافى الاستثمار الأجنبى فى العام المالى الماضى قرابة ٦ مليار دولار مقارنة بمستهدف ٨ــ١٠ مليارات دولار.
•••
تلك المواطن توضح سمة سلبية كبيرة وهى الإفراط فى توقعات نتائج الكثير من المبادرات والمشروعات، والتى قد يكون بعضها جيدا بل ومطلوبا أيضا، لكن إطلاق العنان للوعود غير الواقعية هو فى حقيقية الأمر حكم على المبادرة أو المشروع بالفشل قبل بدايته. قد يتصور البعض أن رفع التوقعات يحفز المسئولين على العمل وأنه أفضل من وضع مستهدفات قابلة للتحقيق لكن ذلك فى الحقيقة ليس صحيحا فى إدارة اقتصاد الدول حيث إن وضع مستهدفات غير واقعية وعدم تحقيقها له عدة مخاطر.
الخطر الأول يرتبط بفقدان الثقة دوليا أمام المؤسسات المالية العالمية مما يؤثر على ثقتهم فى حكمة الحكومة والمؤسسات المصرية ويؤخر استثماراتهم ودعمهم للاقتصاد المصرى فى وقت يحتاج فيه الاقتصاد المصرى لذلك بشدة. فكما كان للالتزام بجدول تنفيذ مشروع قناة السويس، رغم التشكيكات فى إمكانية ذلك، أثرا إيجابيا كبيرا، فإنه بلا شك سيكون هناك أثر سلبى نتيجة عدم زيادة الإيرادات كما جاء فى التوقعات الرسمية.
أما الخطر الثانى فيتعلق بانتشار الإحباط محليا نتيجة عدم القدرة على تحقيق التوقعات الطموحة التى كان الكثير منها صعب المنال منذ البداية. الإحباط هو الفجوة بين التوقعات والواقع. فكلما زادت التوقعات بينما كان الواقع مغايرا، فإن ذلك يزيد من الإحباط. وما يزيد من حدة الإحباط هى التغطية الإعلامية الشاملة لكل مشروع أو حدث فى البداية مما يصوره على أنه المنقذ لكن بعد مرور بعض الوقت يعود الناس لمواجهة الحياة وما فيها من مصاعب يومية وارتفاع فى الأسعار، فتتبدد آمالهم ويزيد إحباطهم وهو ما قد يكون له آثارا اجتماعية وسياسية سلبية بمرور الوقت.
بينما الخطر الثالث يكمن فى ظاهرة حرق الوجوه. فمع تولى مسئول جديد، يتناقل الناس خبراته ويأملون فيه الخير، فيتوسع هو فى الوعود، ثم بعد مرور عدة أشهر لا يستطيع تحقيق تلك الوعود التى لم تكن واقعية منذ البداية ويبدأ البعض فى انتقاده بشدة وربما يطالبون برحيله. مصر ولادة بالتأكيد لكن ظاهرة حرق الوجوه ستؤدى بطبيعة الحال لإحجام الكفاءات عن تولى المناصب الحكومية خوفا من المصير المحتوم.
قد يكون من الحكمة إعادة النظر فى ظاهرة رفع سقف التوقعات التى تصاحب إطلاق أغلب المشروعات وتنتهى بعدم القدرة على تحقيق المرجو منها مما يؤدى لفقدان الثقة دوليا وانتشار الإحباط محليا. فمن يتمادى فى إطلاق الوعود غير المنطقية ظنا منه أنه يخدم البلد هو فى الحقيقة أكبر من يضر البلد ويحكم عليها بالفشل.
عمر الشنيطى
17 - أكتوبر - 2015
نُشر هذا المقال فى "جريدة الشروق"

Tuesday, October 13, 2015

The pound under pressure

The foreign exchange (FX) rate is critical, and people are smart enough to realise this, even if they do not have a strong background in economics, simply because with every drop in the value of the Egyptian pound, the rate of inflation increases.

The value of the pound, like that of any commodity subject to the forces of supply and demand, is determined by the market. If demand for dollars is more than their supply, the rate against the pound increases; the reverse occurs when demand is low and there is an excess of dollars in the market.

The foreign currency market is regulated by the Central Bank of Egypt (CBE) which intervenes to balance the market by offering dollars from its reserves if demand for dollars is more than the available supply, and balancing its interventions between two outcomes.

The first of these is inflation resulting from the increase in the FX rate and, thus, increases in the prices of imported goods. The second is the competitiveness of Egyptian exports, which become more competitive and thus more in demand in international markets when the pound falls in value relative to the dollar.

Egypt has been suffering from a chronic deficit in its trade balance, with the value of exports falling below the value of imports for a long while. It is worth mentioning that this has deteriorated over the last few years: the country’s deficit was around $26 billion just before the 25 January Revolution and jumped to around $33 billion after it. This deficit put further pressure on the pound.

The CBE seems to have unlimited power in deciding the FX rate, but in reality its power and options are limited, and when the economy is suffering its power is even more constrained.

Simply put, Egypt’s chronic trade deficit used to be balanced by remittances from abroad, Suez Canal revenues, tourism and foreign direct investment (FDI). But in the last few years, tourism and FDI have fallen short, which has left the CBE with no option but to use its reserves to shore up the value of the pound.

The policy of the CBE to prop up the pound has been widely criticized by those who argue that the devaluation of the pound will help attract investment and increase the competitiveness of Egyptian exports, leading to improved economic growth.

Though theoretically this is a sound argument, practice does not support it, since exports decreased by 14 per cent in 2012 despite a devaluation of 2.9 per cent. In 2013, while exports increased by seven per cent, the pound was devalued by more than 12 per cent. The following year, 2014, saw no difference, with exports decreasing by 1.8 per cent despite a devaluation of 2.7 per cent.

Over the last three fiscal years, the pound has been devalued by 19 per cent and exports have actually decreased by 10 per cent. This experience has been more than enough to kill the competitiveness theory and caused the CBE to defend the pound whole-heartedly, spending tens of billions of dollars as it has done so, though the decrease in exports could be tied to a set of local and global economic conditions.

Over the last five years, the pound has lost one third of its value. In January 2011, the US dollar rate stood at 5.86 to the pound, and the CBE had $36 billion in official reserves, more than enough to suppress the black market.

But after the Revolution, the political turbulence and insecurity resulted in capital flight and the collapse of tourism, thus putting huge pressure on the pound and bringing the black market back to life. Over the next 18 months, the CBE defended the pound like a hero, spending $20 billion of its reserves, and the pound lost only three per cent of its value.

When the first post-Revolution president was elected in mid-2012, the pound was already under pressure, but that pressure increased over the year that followed. The pound lost 15 per cent of its value, which was a big hit, despite sizable support from Qatar, Turkey and Libya.

By mid-2013, another shift in politics was underway, but this time it was accompanied by unprecedented Gulf support. Egypt received some $12 billion in aid, helping the CBE to defend the pound, which only devalued by two per cent during that year.

With the election of the new president in mid-2014, the Gulf aid retreated, leaving the CBE exposed. Over more than a year, the pound was devalued by 10 per cent, with the Central Bank constantly spending dollars received from aid, loans and other sources.

Currently, the official US dollar rate stands at 7.83 to the pound, with the black market trading at a three to four per cent premium. In addition, the official reserves have declined for a third consecutive month, in part because of the news that Saudi Arabia is holding back on aid announced during the Egypt Economic Development Conference held earlier this year. Foreign exchange reserves now sit at $16.3 billion.

 The CBE has now run out of ammunition, and there is a strong belief that devaluation is inevitable for six main reasons. First, the economy is short of FX at a time when the deficit in the trade balance is widening, Gulf aid is retreating and FDI is growing at a slow rate.

Second, the CBE is determined to shutdown the black market, which will require further devaluation rounds to bridge the gap between the official and black market rates. Third, foreign investors are reluctant to invest in Egypt while the pound is overvalued, pushing the CBE to devalue it further.

Fourth, Europe, Egypt’s main trading partner, is facing a weakened euro, which makes devaluation inevitable in order to avoid hurting Egyptian exports to EU countries. Fifth, China has recently devalued its currency, initiating a wave of devaluations across emerging markets and putting pressure on Egypt to follow suit.

Finally, the Central Bank has expanded its printing of money in order to finance the budget deficit, thus pushing inflation higher and increasing demand on the dollar as a safe haven.

The market is speculating about a new devaluation, and most probably this will be the case. It is very hard to time this precisely, however, as the practice of the CBE shows a preference to surprise or shock the market to avoid further speculation.

Still, it is fair to believe that a further round of devaluation is due by the end of this year or early next year. Looking into history, devaluation in the next round could be in the three to five per cent range in order to send the right signals to the market without causing uncontrollable inflation, given that the pound has already been devalued twice this year.

One might think that the rush to the bottom will stop after the next round, but this is far from the case. The pressures on the pound will not fade away before a structural improvement in the economy happens.

Thus, it is reasonable to believe that future annual devaluations will take place in the range of five to seven per cent on a semiannual basis, and with a spike in a year or two, and with annual devaluation expected to stay within this average over the medium term.

Gradual devaluation seems to be the adopted strategy, and it is highly unlikely that we will see aggressive devaluation of 25 to 30 per cent in a single year because even such a big slide would not relieve the fundamental pressures on the pound and would cause huge inflation.

Given such a strategy, the CBE is expected to tighten access to foreign currency further within the banking system to contain the black market and limit speculation. Such measures may have an impact on curbing so-called unnecessary demand for foreign currencies, but they will also have a negative effect on imports of raw materials, equipment and other inputs that go into manufacturing for exports and local products, and this will reflect negatively on economic growth.

Despite the efforts of the CBE to kill the black market for foreign currency, it is hard to believe that this will vanish in the near term since the reasons behind its presence are fundamental and will take time to cure.

Most likely, the dollar will continue trading at a premium in the black market. It is wise to remember that the black market as a symptom of the FX problem rather than the cause.



Omar El-Shenety
13 October 2015 
This article was published in "Al Ahram Weekly"

Saturday, October 3, 2015

اليونان ومصر.. اختلافات ومخاوف

قد تكون أزمة اليونان الحدث الأهم اقتصاديا خلال ٢٠١٥، حيث كشفت عن هشاشة الاقتصاد اليونانى، الذى أصبح مكبلا بالديون. فقد أدى التقشف الذى كان على اليونان انتهاجه لإرضاء الدائنين لدخول الاقتصاد فى ركود عميق. وفى الوقت الذى كان على اليونان إعادة جدولة ديونها المتصاعدة، تم انتخاب حكومة يسارية تعارض التقشف الصارم، وهو ما زاد من الصدام مع الدائنين، ودفع رئيس الوزراء لإجراء استفتاء على خطة الدائنين، الذى انتهى برفض خطة التقشف وتعزيز موقف رئيس الوزراء.
بدى هذا الاستفتاء كمحطة تاريخية لليسار فى التصدى للرأسمالية، وتعالت المطالب بإعفاء اليونان من بعض الديون. لكن ما حدث كان مغايرا، حيث اضطر رئيس الوزراء المنتخب والمدعوم بنتيجة الاستفتاء، للرضوخ لمطالب الدائنين، باتخاذ إجراءات تقشفية، مما دفع بعض أعضاء حكومته للاستقالة. فهل باع الرجل القضية؟ النظرة الواقعية، تكشف أنه كان من الصعب وجود سبيل آخر غير الوصول لاتفاق مع الدائنين والذى كان لا بد أن ينطوى على بعض الإجراءات التقشفية.
وقد تلى ذلك انتخابات جديدة فاز فيها الرجل مرة أخرى، لكنه شكل حكومة أقل تشددا من وجهة نظر الدائنين. ويوجه هذا الموقف رسالة مهمة، أن الدول لا تستطيع تغيير توجهها بين عشية وضحاها، خاصة حينما تتراكم عليها الديون وتتفاقم مشاكلها الاقتصادية.
***
تأمل الحكومة اليونانية الجديدة فى الخروج من الركود بحلول ٢٠١٩، وهو ما يراه البعض صعبا فى ظل الإجراءات التقشفية. وبينما تتجه أنظار العالم لليونان، فإن البعض يتساءل إذا كان توسع الحكومة المصرية فى الاقتراض فى السنوات الأخيرة، قد يتسبب فى وقوع البلاد فى أزمة مماثلة. لكن الوضع فى حالة مصر يختلف عن اليونان، فإجمالى الدين العام فى اليونان، وصل لقرابة ١٧٥٪ من الناتج المحلى، بينما إجمالى الدين العام فى مصر يقف عند قرابة ٩٠٪ من الناتج المحلى، وهو مستوى مرتفع بعض الشىء لكن لم يخرج بعد عن نطاق السيطرة. لكن هذا لا يعنى أن الوضع جيد، حيث إن فوائد خدمة الدين ارتفعت لتمثل ٢٨٪ من إجمالى مصروفات الحكومة فى موازنة العام الحالى. وتمثل تكلفة الفوائد قرابة ٦٠٪ من إيرادات الموازنة، بينما تخطت تكلفة الفوائد إجمالى الإيرادات الضريبية، هذا فقط عن تكلفة الفوائد بعيدا عن رد أصل القيمة. ولذلك على الحكومة أن تعيد تمويل تلك الديون حين يحل أجلها بالاقتراض مجددا من البنوك والمؤسسات المالية المحلية.
العبء التمويلى فى مصر كبير، لكن هناك فارقا جوهريا آخر بين مصر واليونان. غالبية الديون اليونانية ديون خارجية، بينما ما يزيد عن ٩٠٪ من الديون المصرية ديون محلية. الديون الخارجية عادة ما تكون باليورو أو الدولار، ولا يستطيع البنك المركزى اليونانى طباعة اليورو لسداد ديونه، بل على الاقتصاد أن يكتسبه من خلال التصدير والسياحة والاقتراض الخارجى مرة أخرى. أما فى حالة الديون المصرية، فإن البنك المركزى المصرى لديه القدرة على طباعة الجنيه، حينما يشاء لسداد ديونه المحلية. لا يعطى البنك المركزى ذلك النقد للحكومة مباشرة، بل يقوم باستخدامه لشراء السندات الحكومية، أى أنه يقوم بإقراض الحكومة لسداد عجز الموازنة وإعادة تمويل ما يُستحق من سندات إذا دعت الحاجة.
وقد ضاعف البنك المركزى، استثماره فى السندات الحكومية خلال العام الأخير، مما يؤدى لخفض قيمة الديون الحكومية بالتدريج، حيث إن طباعة النقد تخفض من قيمة العملة، وبالتالى تخفض من القيمة الحقيقية للديون المستحقة. قد يتصور البعض أن طباعة النقد اختراع مصرى، لكنه من كلاسيكيات الاقتصاد. فمنذ قرون حينما كان يريد ملك فى أوروبا الخروج للحرب ولم يكن لديه مال كافٍ، كان يلجأ للاستدانة من التجار مع وعد بالتسديد من غنائم الحرب. لكن فى حالة الخسارة تتراكم الديون ويصبح الملك فى مأزق، فيقوم بإعادة صك العملات المتداولة فى السوق، لتحتوى على نسبة ذهب أقل. فإذا كان الذهب المتداول يمثل ١٠٠ عملة قبل الصك، فإنه قد يصل إلى ١٢٠ عملة بعدها، ويقوم الملك بالاستحواذ على الزيادة لسداد الديون.
طباعة النقد أو ما يعرف بتسييل الديون يساعد على تخفيض عبء الديون بمرور الوقت، لكن من ناحية أخرى يؤدى لزيادة المعروض من النقود وبالتالى ارتفاع الأسعار. قد يتطلب الأمر بعض الوقت للانعكاس على مستويات الأسعار، لكنه بلا شك حتمى وأثره مستدام على الأسعار على خلاف ارتفاعات الأسعار الموسمية فى بعض المنتجات، والتى سرعان ما تعاود الهبوط بعد انتهاء الموسم. ولعل ذلك هو ما يثنى الحكومات عن اللجوء لذلك الحل السحرى على المدى القصير، المرير على المدى البعيد والمتوسط، وهو ما علينا فى مصر أن نتجرع مرارته فى المستقبل.
من ناحية أخرى، قد تمثل الديون الخارجية حاليا نسبة محدودة من إجمالى الدين العام، لكن هذا الوضع فى طريقه للتغيير. فالتصريحات الرسمية، تشير إلى فجوة تمويلية تبلغ ٣٦ مليار دولار فى السنوات المقبلة، إذ يعانى الميزان التجارى من عجز شديد. وعلى الرغم من زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة لقرابة ٦ مليارات دولار فى العام الماضى وهو تحسن ملحوظ، لكنه أقل من المستهدف البالغ ٨ - ١٠ مليارات دولار، كما أن القطاع السياحى شهد تحسنا لكن أقل من المتوقع، مما يزيد من الضغط على الجنيه فى وقت تراجعت فيه المساعدات الخليجية، مما يدفع الحكومة للاقتراض الخارجى، وهو ما حدث بالفعل بطرح الحكومة سندات باليورو، أخيرا مع خطة للتوسع فى ذلك فى الفترة القادمة.
وإذا أخذنا فى الاعتبار الاقتراض الخارجى لتمويل صفقة توليد الكهرباء الكبيرة، وكذلك التوسع فى تسليح الجيش بشراء طائرات وحاملات طائرات من أوروبا، فإن الدين الخارجى بلا شك مرشح لارتفاع كبير على المدى البعيد وربما المتوسط. قد يكون الاقتصاد المصرى فى مأمن من فخ ديون خارجية على المدى القصير، لكن عليه أن يتعامل مع الآثار الجانبية المستدامة للتوسع فى طباعة النقد لتسييل الديون المحلية، وكذلك الحظر من الوقوع فى فخ ديون خارجية مثل اليونان على المدى المتوسط، نتيجة الفجوة التمويلية الكبيرة وكذلك الخطط الاقتصادية والعسكرية الطموحة.
عمر الشنيطى
3 - أكتوبر- 2015
نُشر هذا المقال فى "جريدة الشروق"

Saturday, September 26, 2015

سبعة دروس من تجربة سنغافورة

نفتخر دائما كمصريين بتاريخنا العريق، وفى الحقيقة يحق لنا أن نفخر بذلك التاريخ الحافل والذى يمتد لقرابة ٧٠٠٠ سنة حيث كانت مصر مهدا للحضارة. لكننا لا نفتخر فقط بالماضى السحيق والحضارة الفرعونية، فالأجداد أيضا مازالوا يتباهون بالوضع الذى كانت عليه مصر منذ خمسين عام سواء من حيث نظافة الشوارع أو توافر السلع والخدمات أو أخلاق الناس مقارنة بالوضع الحالى لمصرنا العزيزة، آملين أن تعود عقارب الساعة للوراء حتى نعيش فترة مماثلة.
وبينما نحلم بالرجوع للماضى، تمضى دول أخرى فى مسيرتها لتتحول من دول فقيرة بائسة إلى دول متقدمة تكنولوجيا وشعبها متعلم وميسور الحال. وتعتبر سنغافورة مثالا حيا على ذلك، إذ احتفلت الشهر الماضى بمرور خمسين سنة على تأسيسها حيث شهدت البلاد فى تلك الفترة تحولا كبيرا من بلد فقير يبلغ متوسط دخل الفرد فيه قرابة ٥٠٠ دولار لبلد متقدم أغلب شعبه متعلم ويبلغ متوسط الدخل فيه الآن ٧٠ ألف دولار. فعندما يزيد دخل الفرد ١٤٠ ضعفا فى غضون ٥٠ سنة فهذا إنجاز كبير يستحق الدراسة عن كثب لاكتساب الخبرات. ويمكن فى هذا الصدد استخلاص سبعة دروس مستفادة.
الأول: التاريخ لا يخبرنا الكثير عن مستقبل الدول: مصر لديها تاريخ عريق لكن وضعها الاقتصادى ليس جيدا حيث تقبع فى حالة اقتصادية متردية منذ يناير ٢٠١١ حتى أصبح قرابة ربع سكانها يعيشون تحت خط الفقر. أين ذهب التاريخ؟ للأسف لم يشفع لأصحابه، بينما سنغافورة صاحبة الخمسة عقود استطاعت أن تبنى اقتصادا قويا وأن تحقق تنمية مستدامة جعلت مواطنيها من الأكثر رفاهية على مستوى العالم مما يثبت أن مقولة «من ليس له تاريخ ليس له مستقبل» ليست صحيحة بالضرورة ولذلك علينا التركيز على مستقبلنا.

الثانى: الحجم ليس معيارا هاما لتقدم الدول: تجربة سنغافورة أثبتت أن الحجم ليس عاملا هاما فى نهضة الدول حيث أن تلك الدولة الحديثة يبلغ مساحتها قرابة ٧٠٠ كيلو متر مربع وخُمس تلك المساحة لم تكن موجودة عند تأسيس الدولة بل تم ردم المياه لتوسيع البلد، كما أن عدد سكان البلد يبلغ ٥٫٥ مليون نسمة فقط. تلك الأرقام تعتبر هزيلة إذا ما قورنت بمصرنا العزيزة والتى تبلغ مساحتها مليون كيلو متر مربع لكن أغلبها غير مستغلة حيث يعيش أغلب شعبها الذى يبلغ تعداده قرابة ٩٠ مليون نسمة على أقل من عُشر تلك المساحة. لذا من المهم أن نعى أن الحجم الكبير لا يفيد كثيرا طالما لا يحسن استخدامه للارتقاء بحياة الناس.

الثالث: التجانس الاجتماعى يمكن الوصول له حتى مع اختلاف الأعراق: بلد حديث كسنغافورة ورث توليفة عرقية ليست بالسهلة يطغى عليها العرق الصينى الذى يمثل ثلاثة أرباع السكان متعايشين مع أعراق أخرى كالهنود والماليزيين استطاعوا جميعا التعايش معا رغم اختلافاتهم العرقية والدينية وذلك لأن الدولة سعت لإيجاد هوية واحدة استطاعت تجميع الكل وكذلك استطاعت الحفاظ على التوزيع النسبى لتلك الأعراق منذ التأسيس. وذلك التجانس الاجتماعى يعطى درسا هاما لمصر وباقى دول المنطقة على أهمية احتواء التيارات والأعراق المختلفة وتوحيدهم تحت هوية واحدة تربط الجميع.

الرابع: غياب الموارد الطبيعية لا يعوق التنمية والتقدم: سنغافورة فقيرة فى الموارد الطبيعة من بترول وغيره لكن ذلك لم يعقها عن التنمية حيث استطاعت أن تضع نفسها على الخريطة كمركز مالى ولوجيستى عالمى واستطاعت التركيز على الصناعات التكنولوجية مما أدى لزيادة إنتاجية ودخل الفرد بشكل كبير. ولذلك يحق لنا فى مصر أن نسعد باكتشافات الغاز الأخيرة لكن لا يجب أن تؤدى تلك الاكتشافات لتأجيل الإصلاحات الاقتصادية والعمل على بناء نظام اقتصادى يحدث تنمية مستدامة.

الخامس: الإنفاق العسكرى المرتفع لا يتعارض مع التنمية: على عكس المتوقع، فإن تلك الدولة الصغيرة تعتبر من أكثر دول العالم من حيث الإنفاق العسكرى مقارنة بحجم اقتصادها. لكن الإنفاق العسكرى الكبير نسبيا لم يعق سنغافورة عن تحقيق تنمية مستدامة بالاستثمار فى قطاع التعليم وتنمية الصناعات التكنولوجية. وهذا أيضا درس محورى لمصرنا العزيزة التى توسعت أخيرا فى تسليح الجيش لرفع قدراته القتالية تواكبا مع التحديات المحلية والإقليمية ومن المهم أن يكون هناك توازن بين الإنفاق العسكرى والاستثمار فى التنمية المستدامة.

السادس: الاضطرابات السياسية الإقليمية لا تتعارض مع التنمية: سنغافورة ليست منعزلة عن مشاكل إقليمها حيث ولدت من رحم مشكلة إقليمية أخرجتها من تحالف مع ماليزيا على خلفية تهديدات من إندونيسيا. المتابع للوضع الإقليمى الحرج الذى تأسست فى ظله سنغافورة منذ خمسين سنة لا يمكن أن يتوقع هذا النمو المذهل، لكن سنغافورة استطاعت أن توازن بين إدارة أجندتها الإقليمية والنهوض باقتصادها المحلى وهو ما يجب على مصر أن تنتبه له؛ حيث إن وضع منطقتنا المتقلب على الأرجح لن يستقر على المدى القصير بينما النهوض بالاقتصاد المصرى لا يحتمل التأخير.

السابع: سوء الوضع الاقتصادى لا يمنع تحقيق إنجاز فى فترة وجيزة: بدأت سنغافورة من وضع اقتصادى حرج وبدون موارد طبيعية فى ظل تحديات اجتماعية وسياسية كبيرة لكن ذلك لم يمنعها من أن تكون قصة نجاح كبيرة خلال بضعة عقود وتلك فترة قصيرة فى حياة الدول. قد تشعرنا تلك القصة بالاكتئاب على ما أضعناه فى الخمسين سنة الماضية لكن فى نفس الوقت تبعث برسالة إيجابية على إمكانية تكرار ذلك النجاح فى مصر فى فترة قصيرة قد تتطلب من باب الواقعية عقدا أو عقدين، وليس مجرد عدة سنوات.

آن الأوان لنا كمصريين أن نركز على وضعنا الحالى وأن نعمل على تحسين المستقبل بدلا من التباهى بتاريخنا العريق الذى لا ينكره أحد. فالوضع الاقتصادى حرج ولا يستطيع أحد أن ينكره حيث يشكو المواطنون من عدم إحساسهم بتحسن حقيقى على الأرض مما يجعل من الضرورى التركيز على تحسين الوضع الاقتصادى بالتعلم من التجارب الاقتصادية الناجحة كسنغافورة التى استطاعت أن تنجز الكثير فى فترة وجيزة على الرغم من صعوبة وضعها السياسى والاقتصادى والاجتماعى وقت تأسيسها.

عمر الشنيطى
27 - سبتمبر - 2015
نُشر هذا المقال فى "جريدة الشروق"