إن الإقتصاد
الحديث يجب أن يحقق التوازن بين أربعة أهداف رئيسية:
١- نمو الناتج المحلي
(وهو إجمالي ما تم إنتاجه من سلع وخدمات) سنويا بنسبة مرتفعة تكون أعلى من التضخم وأعلى من زيادة السكان
حتى يشعر الناس بزيادة حقيقية في دخلهم.
٢- توزيع الدخل بشكل
عادل ومتوازن بين فئات المجتمع المختلفة لإقرار حالة من السلام الإجتماعي.
٣- كبح جماح التضخم
حتى لا يشعر الناس بضعف قدرتهم على شراء السلع والخدمات.
٤- تقليل معدلات
البطالة وتوفير فرص عمل بشكل يتناسب مع زيادة السكان.
إذا نظرنا لإدارة الإقتصاد
المصري حالياً نجد أن هناك تركيز على محورين رئيسيين:
أولاً: عجز
الميزانية: نجد أن هناك تركيز على كيفية
خفض عجز الميزانية والذي وصل إلى ١٧٠ مليار جنيه في العام المالي الماضي ويتوقع أن
يتخطى هذا المستوى في العام المالي الحالي. بجانب دأب الحكومة على إيجاد وسائل
لتمويل هذا العجز عن طريق إصدار سندات حكومية تقوم البنوك المحلية بتمويل أغلبها.
ثانياً: رجال
الأعمال: فالإدارة الإقتصادية الحالية
تتسم بالإعتماد الشديد على رجال أعمال موالين للسلطة يقومون برسم الخطط الاقتصادية.
هذا بالإضافة إلى التوجه العام المعلن عن الرغبة في المصالحة مع رجال أعمال النظام
السابق وإشراكهم في الساحة الإقتصادية.
وبالتعمق في هذين
المحورين، نجد أن هناك مشاكل كبيرة نتيجة التركيز علي هذين المحورين وعلاجهما بالطرق المتبعة حالياً، فعلى صعيد
عجز الموازنة: يمكن القول بأن التركيز الشديد على عجز الميزانية قد أصاب الإقتصاد
بالعجز لأسباب متعددة:
١- محاولة خفض العجز
عن طريق خفض النفقات تزيد من حالة الركود الذي يعاني منها الإقتصاد منذ الثورة (والركود
هنا يعني تباطؤ النمو الإقتصادي).
٢- التركيز على تمويل
العجز داخلياً من خلال البنوك المحلية يقلل من السيولة في السوق مما يقلل من قدرة
البنوك على تمويل المشروعات وبالتالي يزيد من حالة الركود.
٢- إعتبار قرض صندوق
النقد هو الملجأ وإجراء إصلاحات إقتصادية بدون شفافية له آثار سلبية
كبيرة كزيادة التضخم الناتج عن إرتفاع سعر صرف الدولار وزيادة الضرائب.
أما على صعيد
رجال الأعمال، فإن الاعتماد عليهم في رسم الخطط الإقتصادية لها مشاكل متعددة:
١- رجال الأعمال
ينتهجون سياسة استغلال الفرص لتحقيق الأرباح ولكن الإقتصاد في إدارته لابد أن
يراعي مصالح فئات الشعب المختلفة. كما أن الإقتصاد علم له أسسه وآلياته التي هي
أشمل و أعمقً من إدارة النشاطات التجارية. ولذلك الإعتماد على رجال
الأعمال، حتى المخلصين منهم، يفقد التوجه الإقتصادي العمق المطلوب ويختذله في
مجموعة من المشروعات الإستثمارية الغير متكاملة في تأثيرها على البلد.
٢- التصالح مع رجال
الأعمال هي نبرة تسمع أحياناُ يعقبها نبرة التخوين لرجال الأعمال الذين يمولون
الثورة المضادة ثم نعود للمصالحة وهكذا. ذلك التضارب في التوجه يصيب المستثمرين في
الداخل والخارج بالقلق، الأمر الذي يؤدي إلى حالة من الترقب حتى إستقرار الأوضاع.
لذلك يجب على الإدارة الإقتصادية للدولة أن تأخذ في إعتبارها
الآتي:
١- التركيز على العجز
كهدف أسمى يصيب الإقتصاد بالعجز.
و يجب علاجه عن طريق تغيير تركيبة تمويل العجز بتقليل الإعتماد على البنوك المحلية
مقابل التمويل من الخارج. كما أن علينا تقليل التركيز على خفض النفقات بعض الشئ
حتى يتعافى الإقتصاد مع فرض رقابة صارمة على الأسعار.
٢- رجال الأعمال من
أعمدة الإقتصاد الرئيسية في كل الدول ولكن ليسوا هم من يجب أن يضطلع بوضع خطط مصر
الاقتصادية، فهم ليسوا أهلاً لذلك، حتى وإن خلصت نواياهم. كما يجب الثبات على مبدأ
مع رجال الأعمال: إما المصالحة أو المحاسبة.
٢- الإدارة الإقتصادية
أوسع من العجز ورجال الأعمال ولابد من وضع برنامج إنقاذ إقتصادي متكامل يوازن بين
الأهداف الأربعة : النمو، توزيع الدخل، التضخم، والبطالة.
عمر الشنيطي
٢٤-فبراير-٢٠١٣
نُشر هذا المقال فى "جريدة الوطن"
نُشر هذا المقال فى "جريدة الوطن"