Sunday, March 31, 2013

الشراكة مع ليبيا و العراق

منذ الثورة و مصر تعاني من أزمة اقتصادية تزداد شدتها بمرور الوقت حتى وصلنا إلى الوضع الحرج الذي نمر به الآن. و ينبري الاقتصاديون في الحديث عن أسباب الأزمة و كيفية الخروج منها محملين الأزمة السياسية مسئولية الوضع الحالي و معلقين آمالا كبيرة على الاستثمار الأجنبي و ما يمكن أن يدره على مصر لكن الاستثمار الأجنبي لن يتدفق على مصر في ظل الازمة السياسية المتصاعدة. لذلك لابد من التفكير في طرق مختلفة و سريعة للتعامل مع الأزمة. و يجب أن تكون هذه الحلول خارج الصندوق و لا تعتمد على الإستقرار السياسي الذي لن يتحقق في القريب العاجل. و لعل من أهم هذه الحلول هي بناء شراكات حققية و مستدامة مع بعض الدول العربية الصاعدة في المنطقة و يأتي على رأس هذه الدول ليبيا و العراق و التي قد تمثل شراكة مصر معهما حل استراتيجي سريع لكثير من مشاكل مصر الاقتصادية الحالية.

هناك خمسة محاور رئيسية للشراكة مع ليبيا و العراق تجعل هذه الشراكات في غاية الأهمية:
أولاإمداد مصر بالبترول:
 مصر تمر بأزمة حقيقية في الطاقة ستتفاقم بشكل كبير في الصيف القادم كما يتنبأ المتخصصون حيث أن إنتاج مصر الإجمالي من الطاقة لا يكفي الإستهلاك و تصل الفجوة إلى مداها الأكبر في الصيف. و تعاني مصر من نقص في المواد البترولية الخام المطلوبة لتوليد الكهرباء. و في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية و الوضع المالي السييء لوزارة البترول و هيئاتها سيصعب على مصر الإعتماد على سوق البترول العالمي لاستيراد البترول الخام لعدم قدرة الدولة دفع المستحقات المعلقة عليها في وقتها. لذلك على مصر أن تعقد اتفاقيات استراتيجية لاستيراد البترول الخام بشروط دفع ميسرة و بأسعار مخفضة إذا أمكن ذلك. و على رأس هذه الدول التي قد تعقد مثل هذه الاتفاقيات ليبيا و العراق لأسباب سياسية وكذلك من باب التكامل الاقتصادي.

ثانيا: توظيف العمالة المصرية:
واحد من أهم أهداف الإدارة الاقتصادية للدولة هو توفير فرص عمل كريمة و مناسبة للأفراد مما يساعد على إبقاء معدل البطالة منخفضا خاصة بين الشباب. و بسبب كبر عدد السكان في مصر و عدم وجود إدارة اقتصادية حكيمة لعقود فإن مصر كانت تعتمد بشكل كبير على تصدير الأيدي العاملة شرقا و غربا. و قد أدى ذلك إلى الحد من البطالة لفترات طويلة كما أن تحويلات المصريين بالخارج كانت ولا تزال خط لإنعاش الاقتصاد خاصة في وقت الأزمات حيث تقدر تحويلات المصريين بالخارج في ٢٠١٢ بحوالي ١٥ مليار دولار. و لكن بلا شك فالأهم من ذلك هو إيجاد فرص عمل خارج الاقتصاد المصري حيث يقدر إجمالي العاملون بالخارج بقرابة ٧ مليون نسمة. و يذكر أنه قبل حرب الخليج كان هناك نصف مليون مصري يعملون في العراق على أقل تقدير و كان لهذا الرقم أن يتضاعف غير أن صدام قلص هذه الأعداد بعد موقف مصر في حرب الخليج. كما يذكر أنه قبل الثورة كان هناك مليون و نصف المليون مصري يعملون في ليبيا على أقل تقدير. هذه الأعداد ليست بالقليلة و ظاهرة المصريين العاملين بالخارج لها العديد من الجوانب الاقتصادية و الإجتماعية الجيدة. الآن و قد تعدي سكان مصر ٩٠ مليون نسمة منهم ٣٠ مليون في سوق العمل مع نسبة بطالة رسمية ١٣٪ أي حوالي ٤ مليون شخص أغلبهم من الشباب فإن العمل على فتح أسواق عمل بالخارج للمصريين أمر في غاية الأهمية.

ثالثا: عقود المشروعات العملاقة:
ليبيا و العراق تشهدان مشروعات بناء و إعمار عملاقة تستطيع الشركات المصرية الكبرى المساهمة فيها. مثل هذه المشروعات قد تمثل طوق النجاة لهذه الشركات التي تعاني من ركود الاقتصاد في مصر. كما أن هذه المشروعات ستعود بالنفع على الاقتصاد المصري بفضل تحويلات الشركات المصرية من أنشطتها في الخارج و من تعيين الكثير من العمال و المهندسين المصريين لإنجاز هذه المشروعات.

رابعا: تصدير المنتجات المصرية:
الصناعية المصرية تحتاج لأسواق لترويج منتجاتها خاصة أسواق بها تنافسية منخفضة في بعض القطاعات و لكن بها سيولة و قوة شرائية و هو ما تتمتع به ليبيا و العراق. و يساعد الصناعية المصرية في ذلك تخفيض قيمة الجنيه مما يزيد من تنافسية سعر المنتجات المصرية في الخارج.

خامساالاستثمار الأجنبي في مصر:
على رغم من أن الاستثمار الأجنبي لا يمكن أن يكون الحل السحري لأزمة مصر الاقتصادية إلا أنه بلاشك جزء من الحل حيث يستطيع الاستثمار الأجنبي توفير فرص عمل في الداخل و تحريك عجلة الاقتصاد البطيئة. لكي يحدث ذلك بشكل مستدام لابد أن تبني مصر شراكات اقتصادية حقيقية مع حلفاء إقليميين لا يكون لهم أجندة سياسية للتدخل في شئون مصر و لعل ليبيا تأتي على رأس هذه البلدان.

مما سبق ذكره فإن الشراكة مع ليبيا و العراق في غاية الأهمية لمصر في الوقت الراهن. و إحقاقا للحق فإن الحكومة المصرية اتخذت خطوات جيدة في هذا الصدد لكن تحتاج مصر لجهد و تركيز أكبر في هذا الأمر لتفعيل شراكات حقيقية و مستدامة تقدم حل استراتيجي سريع لكثير من مشاكل مصر الاقتصادية الحالية.

عمر الشنيطي
٣١ -مارس- ٢٠١٣

Sunday, March 24, 2013

عشرة تحفظات على الصكوك


بعد طول انتظار و جدل شديد، صدر مؤخرا قانون الصكوك بعد موافقة مجلس الشورى عليه. و لعل قانون الصكوك من أكثر المواضيع التي تم الحديث عنها في الفترة الأخيرة نظرا لما يلحق به من مخاوف من وجهة نظر البعض. بينما يرى الإسلاميون الذين تبنوا هذا المشروع أنه إنطلاقة حقيقية للاقتصاد معلقين آمالا عريضة على ما تستطيع الصكوك أن تقدمه لمصر في مثل هذه الظروف. 

بعيدا عن الإشاعات و المزايدات، وجب التعليق على عشرة تحفظات تثار حول الصكوك بشكل موضوعي:
أولا: عدم موافقة الصكوك لأحكام الشريعة:
تم عرض مشروع قانون الصكوك أولا على الأزهر تحت مسمى "قانون الصكوك الإسلامية" فرفضه الأزهر لأسباب مختلفة ثم تم تعديل بعض بنوده لكن تحت أسم "قانون الصكوك" بعد حذف "الإسلامية" و تمت مناقشته ثم التصويت عليه في مجلس الشورى بدون عرضه مرة أخرى على الأزهر. و تم تمرير القانون على الرغم من وجود اعتراضات على ذلك لعدم دستورية هذه الخطوة من وجهة نظر البعض و كذلك ما تلصقه هذه الخطوة بالصكوك أنها غير موافقة لأحكام الشريعة بسبب رفض الأزهر للقانون و هو ما قد يطعن في مصداقيتها. هذا التحفظ له وجاهته  و قد يعتبر من سقطات هذا القانون بشكل كبير لكن سيتم التغلب عليه بتكوين لجان شرعية لإصدارات الصكوك تفتي بشرعية هذه الإصدارات و هو المتعارف عليه في كثير من البلدان. لكن في النهاية هذا التحفظ سيؤدي إلى تقليل الطلب المتوقع على هذه الصكوك خاصةً من داخل مصر.

ثانيا: بيع أصول مصر الإستراتيجية للأجانب:
القانون أكد عدم جواز استخدام الأصول الثابتة المملوكة للدولة ملكية عامة )مثل نهر النيل و الأهرامات و قناة السويس) أو منافعها لإصدار صكوك حكومية فى مقابلها. و لذلك لا خطر حقيقي في هذا التحفظ. و بشكل عام مثل هذه الثفقات كبيع الأهرامات و قناة السويس تعتبر دربا من دروب الخيال.

ثالثا: صورة جديدة لخصخصة القطاع العام:
القانون أتاح التعامل على الأصول المملوكة للدولة ملكية خاصة)مثل: شركات القطاع العام( حيث سمح بإصدار صكوك فى مقابل حق الانتفاع فقط دون ملكية الرقبة. و حينما تذكر شركات القطاع العام تعود إلى الذاكرة تجربة "الخصخصة" و لذلك يتحفظ البعض على القانون من هذا الدافع و هذا التحفظ له وجاهته. فالقانون يعطي حق الانتفاع فقط دون ملكية الرقبة لهذه الأصول. ففي حالة الصكوك التي تعتمد أرباح ثابتة مثل صكوك الإيجارة أو المرابحة فإن هذه الصكوك تضمن بشكل كبير ربح معين بصرف النظر عن أرباح و خسائر هذه الشركات المصدرة للصكوك. و هذا قد يكون أسوء من الخصخصة حيث يضمن الربح للمستثمر دون تحمل مسئولية الإدارة أو الخسارة. لكن هذا التحفظ يزول في حالة استخدام صكوك بها مشاركة في المكسب و الخسارة مثل صكوك المشاركة و المضاربة إلى ما غيرها. و لذلك لا بد من وجود رقابة شعبية للتأكد من عدم حدوث ذلك.

رابعا: استخدام الصكوك لتمويل عجز الموازنة:
من المفترض أن لا تستخدم الصكوك لتمويل عجز الموازنة بل توجه حصيلة الصكوك لتمويل ما تحتاجه البلاد من مشروعات بنية أساسية أو استثمارية. و هذا سينعكس بشكل غير مباشر على تخفيض عجز الموازنة أو إعادة توجيه هذه المبالغ إلى قطاعات أخرى. لكن هناك خطر من أن تقوم الحكومة بإعادة تمويل بعض الأصول المملوكة للدولة ملكية خاصة لتوفير تمويل لعجز الموازنة و هذا سيكون ملجأ للحكومة على المدى القصير لكن له آثار سلبية على المدى البعيد. و لذلك لا بد من وجود رقابة شعبية للتأكد من عدم حدوث ذلك.

خامسا: التكلفة المرتفعة على ميزانية الدولة:
بسبب عدم ثبات العائد في أغلبية الصكوك فإن متوسط العائد المتوقع عليها يكون مرتفعا و هذا يزيد العبء على ميزانية الدولة إذا استخدمت الصكوك في تمويل عجز الموازنة. لكن إذا لم تستخدم الصكوك لتمويل عجز الموازنة كما يفترض فلا خطر في هذا التحفظ.

سادسا: الإعتماد المبالغ على الإستثمار الأجنبي:
يتم تصويرالصكوك على أنها ستجلب الكثير من الأموال في صورة إستثمار أجنبي مما يزيد من اعتماد الدولة على الإستثمار الأجنبي في مشروعها التنموي. وهذا التحفظ له وجاهته و ينطبق بشكل عام على رؤية الحكومة و التي تضخم من أهمية و دور الإستثمار الأجنبي في التنمية أكثر مما يجب و تصوره على أنه الملجأ و الملاذ.

سابعا: إعادة إنتاج شركات توظيف الأموال:
يقرن الكثيرون صكوك الشركات الخاصة بتجربة "شركات توظيف الأموال" حيث ستستطيع شركات من القطاع الخاص جمع أموال من الأفراد بكميات كبيرة من خلال إصدار صكوك. وهذا التحفظ له وجاهته أيضًا لذلك لابد من وجود شروط محددة، سواء من حيث الخبرة المسبقة أو نوعية النشاط، حتى يسمح للشركات الخاصة إصدار صكوك كما يجب وجود رقابة مالية صارمة على نشاط هذه الشركات.

ثامنا: عدم واقعية حصيلة إصدار الصكوك:
تم التصريح من قبل خبراء أن الصكوك ستجلب٢٠٠ مليار دولار و أثار ذلك الرقم تحفظ الكثيرون لعدم واقعيته. فإذا نظرنا للأرقام، نجد أن إجمالي سوق الصكوك العالمي بلغ ٣٠٠ مليار دولار بنهاية  وتتوقع التقارير زيادة سوق الصكوك إلى ٩٠٠ مليار دولار بنهاية ٢٠١٧. و قد تصل حصة مصر إلى حوالي ١٠٠ إلى ١٥٠ مليار دولار بنهاية ٢٠١٧، أي متوسط ٢٠ إلى٣٠  مليار دولار سنوياً. و قد تداركت وزارة المالية هذا الأمر بالتصريح بأن الحصيلة المتوقعة من الصكوك حوالي ١٠ مليارات دولار سنويا في البداية لكن الرقم الذي يتم تداوله ما يزال ٢٠٠ مليار دولار.

تاسعا: وسيلة لإنتاج رجال أعمال ينتمون للتيار الإسلامي بشكل سريع:
يعترض البعض على قانون الصكوك ظنا أن صكوك الشركات الخاصة ستكون وسيلة لإنتاج رجال أعمال ينتمون للتيار الإسلامي بشكل سريع حيث سيستطيعون جمع أموال من الأفراد بكميات كبيرة من خلال إصدار صكوك. لكن هذا التحفظ لا ينطبق فقط على رجال أعمال ينتمون للتيار الإسلامي بل على جميع رجال الأعمال و ما يهم هنا هو وجود رقابة ماليه صارمة على من يصدر الصكوك بصرف النظر عن خلفيته.

عاشرا: الصكوك قد تكون نكسة للتمويل الإسلامي:
يخشى الكثيرون أن يكون قانون الصكوك بمثابة النكسة للتمويل الإسلامي بسبب التسرع في إصدار القانون و احتمالية سوء تطبيق إصدارات الصكوك خاصةً في البداية. و هذا التحفظ له اعتبار كبير حيث أن إصدار القانون دار حوله جدل شديد في أوساط السياسيين و الاقتصاد يين و الشرعيين و ما زال هناك الكثير من التحفظات كما سبق ذكرها مما يشير بأن تطبيق القانون و إصدارات الصكوك ستكون محفوفة بمعارضة شديدة.

على الرغم مما سبق ذكره من تحفظات سواء ما به وجاهة و ما ليس به، فإن الصكوك لها آثارا إيجابية كثيرة. فاستحداث أدوات مالية جديدة هي دائماً علامة إيجابية والصكوك من المفترض أن تساعد على تنشيط الاستثمار خاصة في المشروعات الكبيرة. كما أنها من المفترض أن تجلب استثمارات من المؤسسات المحلية والإقليمية الباحثة عن استثمارات متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية. لكن يجب أخذ التحفظات السابق ذكرها في الإعتبار لضمان نجاح التجربة.

عمر الشنيطي
٢٤-مارس- ٢٠١٣
نُشر هذا المقال فى "جريدة الوطن"

Wednesday, March 20, 2013

رؤى اقتصادية: تعافي دبي

لسنوات عديدة، عرفُت دبي بكونها المركز الإقليمي في مجال الأعمال وتمتلك بعض الأصول المهمة مثل المرافق العامة والتجارة والسياحة.

استثمرت دبي الكثير في بناء هذه الأصول الجوهرية على مدار السنين. في السنوات القليلة قبل الأزمة المالية، شهد سوق العقارات في دبي نمو هائل مما أدى إلى فقاعة عقارية تقليدية. ومع ذلك، استمرت هذه الفقاعة في النمو والازدهار على مدار السنين الماضية مما أدى إلى تدفق أموال كثيرة من المنطقة إلى دبي لكي تستفيد من العائد الكبير من الاستثمار في هذه الفقاعة.

ولكن على الرغم من ذلك، مع حدوث الأزمة المالية العالمية في ٢٠٠٨ مرّت دبي في السنوات القليلة الماضية بانكماش اقتصادي صعب مما أدى إلى انفجار الفقاعة العقارية وأدى ذلك إلى انخفاض ملحوظ في أسعار العقارات وقد تجاوز هذه الانخفاض في بعض الحالات أكثر من ٥٠٪ من قيمة العقار.

هذا الانكماش الاقتصادي أدى إلى مشكلة ديون سيادية حيث لم تتمكن دبي من دفع بعض من ديونها المستحقه. لولا أبوظبي ودعمها الكبير، لكانت أفلست دبي. هذا الدعم من أبوظبي على الرغم من سخائه، إلا إنه لم يساعد إقتصاد دبي في النهوض ولكنه ساعد في منعه من الإنهيار.

شهدت دبي في سنوات ٢٠٠٩ و ٢٠١٠ إقتصاد بطىء للغاية وسوق عقارات خامل جداً إلى الدرجة التي جعلت الكثير من الأشخاص بدأوا الإدعاء بأن دبي فقدت سحرها.

ثم بدأ الربيع العربي في تونس في أواخر سنة ٢٠١٠ ثم في مصر في أوائل سنة ٢٠١١ وفي بلدان آخرى في الإقليم مثل لبيا وسوريا والبحرين واليمن. على الرغم من أن حركات الربيع العربي أثرت عموماً بالسلب على بيئة الأعمال، إلا أن التأثير على دبي كان إيجابياً للغاية لأن الكثير من رموز الأنظمة السابقة في هذه البلاد اعتبروا دبي مكان آمن لمدخارتهم واستثمارتهم. 

هذه التطورات الإقتصادية الإيجابية أثرّت بشكل كبير على سوق العقارات الذي بدأ في الانتعاش وبدأت أسعار العقارات في الارتفاع بمعدلات كبيرة للغاية على الرغم من أن أسعار العقارات لم تستعد مستوياتها السابقة بالكامل. هذا الإتجاه أثّر على الإيجارات التي شهدت مستويات متزايدة على مدار السنوات السابقة.

كل هذا أخبار جيدة ولكن هل يمكن أن يستمر سوق العقارات في دبي بدون تكوين الفقاعة؟

قد تبدو الإجابة "لا". عندما بدأ سوق العقارات في الانتعاش، فإنه سجّل ارتفاع كبير في الأسعار لعدة أشهر ممتابعة. جذب هذا العديد من المستثمرين الإقليمين والعالمين لكي يستثمروا في سوق العقارات لإنهم كانوا يبحثوا عن عائدات ضخمة التي لا يمكن تحقيقها بدون توقع نمو كبير. لذلك ببساطة بدأت تتكون فقاعة عقارية جديدة و كل الأشخاص المشاركين على دراية بأن هذه فقاعة ولكنهم كانوا سعداء بتكوين هذه العائدات الضخمة.

ولكن على جانب آخر، سوق السياحة الذي كان واحد من أصول دبي الأساسية انتعش بشكل جيد للغاية بحيث كانت مقصد للكثير من السياح في الإقليم وخصوصاً السعوديين بسبب المشكلات في مصر وسوريا ولبنان ومصر. هذا التطور أثّر بشكل إيجابي للغاية على كل القطاعات المتعلقة مثل قطاع بيع التجزئة وقطاعات آخرى بالإضافة إلى أن دبي كانت قادرة على جذب السياح من جميع أنحاء العالم لكي يزوروا بعض من عجائب دبي التي لا تنتهي.

بالإضافة إلى ذلك، ساعدتها البنية التحتية المتطوّرة والنظام البيئي الملائم للعمل التجاري في أن تجذب إليها الشركات والأشخاص من جميع أنحاء العالم لكي تستند في دبي ويخدموا منطقة الشرق الأوسط وفي بعض الأحيان الأقاليم الآخرى.

الخلاصة: بفضل العديد من العوامل وعلى رأسها الربيع العربي تتعافى دبي الآن وتستفيد من أصولها الأساسية وهما السياحة والبنية التحتية.  في نفس الوقت تتكون فقاعة عقارية بشكل سريعة للغاية.

(ملاحظة: هذا تحليل مجمّع. للمزيد من التفاصيل، بإمكان القارئ زيارة الصفحة و متابعة الأنباء والتحديثات المختلفة التي يتم نشرها في الصفحة)

عمر الشنيطي
٢٠-مارس٢٠١٣

Sunday, March 17, 2013

الاقتصاد المصري على مفترق طرق

مع التغيرات السياسية التي حدثت في مصر في الأعوام الأخيرة، مر الاقتصاد بمراحل متعددة من أواخر أيام مبارك حتى وصلنا إلى حكم الإخوان و لكن الاقتصاد لم يصل بعد لمرحلة الإستقرار و وضوح الرؤية و يقف الآن على مفترق طرق. إذا نظرنا سنجد مراحل متعددة لها سمات واضحة.

نمو بلا عدالة: في الأعوام الأخيرة من حكم مبارك كان الاقتصاد يحقق معدلات نمو مرتفعة و كان ذلك محل فخر مبارك و وزرائه الذين كانوا يتحدثون عن الآثار الايجابية لهذا النمو على طبقات الشعب المختلفة. لكن الواقع أن هذا النمو لم يستفد منه الكثير من الشعب و إقتصرت الإستفاده على طبقات قليلة من الشعب مما أحدث خلل كبير في توزيع الدخل. و قد أدى ذلك إلى حالة واضحة من غياب العدالة في التوزيع و التي تزامنت مع حالة عامة من غياب العدالة في مختلف مناحي الحياة.

تصفير المخزون: ثم قامت الثورة و تولي المجلس العسكري إدارة شئون البلاد. و قد تميزت فترة المجلس العسكري بالتحفظ الشديد في اتخاذ القرارات الضرورية للتواكب مع الفترة الحرجة التي جاءت بعد الثورة خوفا من رد الفعل الثوري لقرارات الإصلاح الاقتصادي. و قد أدى هذا التحفظ الشديد إلى الضغط على مؤشرات الاقتصاد المختلفة و كان من مظاهر ذلك الإنخفاض الشديد في إحتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي من ٣٥ مليار دولار مع بداية الثورة إلى حوالي ١٥ مليار دولار مع تسليم السلطة لمرسي. تزامن ذلك مع إنخفاض شديد في الإستثمار الأجنبي و زيادة فادحة في عجز الموازنة.

مليارات النهضة: مع صعودهم و تصدرهم للمشهد، عمل الإخوان على إطلاق الوعود عن النهضة الاقتصادية المرتقبة و ترددت في هذه الأثناء أخبار و وعود عن إستثمارات بالميارات سواء من الصكوك أو الإستثمار الأجنبي أو غيرها سواء قبل تولي مرسي أو بعد توليه. هذه الوعود الخياليه كانت بمثابة مخدر للكثيرين من مؤيدي مرسي و الذين تصوروا أن هذه الميارات هي طوق النجاه للإقتصاد المصري المنهك.

اكتشاف الواقع: بعد وصولهم إلى الحكم بعدة أشهر، فوجئ الإخوان بسوء الوضع الاقتصادي و ضعف قدرتهم على تغير هذا الواقع القاسي. بالإضافة إلى ذلك أصبح واضحا أن الوضع الاقتصادي سيزداد سوءا لفترة ليست بالقصيرة نتيجة عدم الإستقرار السياسي. كما أصبح جليا أن خطوات الإصلاح الاقتصادي المطلوبة سيتطلب تطبيقها الكثير من التكلفة السياسية و الإجتماعية و هو ما لا يستطيعون تحمله سياسيا في مثل هذا الوقت.

نظرية المؤامرة: بالوصول لهذه الحقيقة، أضطر الإخوان للتحول من سياسية "الوعود الخياليه" إلى سياسية "التبرير" لهذا الواقع القاسي و تحميل هذا الوضع لآخرين سواءا من النظام القديم أو من مؤيديهم أو من دول عربية أو أجنبية. في النهاية يتم تبرير هذا الواقع باستخدام "نظرية المؤامرة" على المشروع الإسلامي حتى و إن كان الإخوان على اتصال دائم ببعض ممن يشيرون إليهم على أنهم متآمرين و هو ما يقلل من تصديق الكثيرين لهذه المؤامرة حتى و إن كانت بعض أركان هذه المؤامرة تبدو منطقية.

ما سبق ممكن أن يعتبر تلخيصا لتطور الاقتصاد في الفترة الماضية. لكن ما يهم الآن هو: ماذا سيحدث في الفترة القادمة؟
لا يستطيع عاقل أن يجزم بأمر معين في مثل هذا الوضع من عدم الإستقرار السياسي لكن يمكن رسم تصور للمستقبل بناء على سيناريوهات أساسية:

الأول: الإعتماد على أصدقاء المشروع:
الإعتقاد هنا أن مصر دولة كبيرة و ذات دور محوري في المنطقة و لذلك فهي أكبر من أن تسقط إذ لا يستطيع أحد أن يتحمل عواقب سقوطها و هو ما يعرف بمبدأ: “Too Big To Fail”. بالإضافه لذلك فإن هناك العديد من الأصدقاء للمشروع الإسلامي و يأتي على رأس هؤلاء الأصدقاء: قطر و تركيا هذا بالإضافه إلى أمريكا التي أبدت ترحيبها بوصول الإخوان الى الحكم طالما إلتزموا بمحددات اللعبة و على رأسها أمن إسرائيل و سلامة الملاحة في قناة السويس و غيرها. وهو ما لم يعارضه الإخوان و لم يكن لآخرين أن يعارضوه لو وضعوا مكان الإخوان.
هذا السيناريو هو المعتبر لدى الإخوان في إدارتهم للبلد و لذلك فتركيزهم ينصب على قرض صندوق النقد و المساعدات الاوربية و الاستثمارات الأجنبية من قطر و تركيا و أمريكا. و رغم وجود مؤشرات على الدعم الكبير من أصدقاء المشروع في بداية حكم الإخوان إلا أن هناك قرائن واضحة على ضعف هذا الدعم سواء من قطر أو من صندوق النقد بسبب الإضطرابات السياسية و هذا الضعف يضع الإخوان في مأزق.

الثاني: التقوقع و التقشف:
الإعتقاد هنا أن أزمة مصر كبيرة جدا و أكبر من أن يستطيع أصدقاء المشروع تحملها. هذا بالإضافه إلى أن الإضطرابات السياسية ستثني الكثير من هؤلاء الأصدقاء عن مد يد العون و هو ما بدأ يظهر من قطر و صندوق النقد. لذلك فليس أمام مصر غير التقوقع على نفسها و البدء بمبادرة تقشف متكاملة للسيطره على الوضع قبل فوات الأوان و هو سيناريو أقرب لما يحدث في اليونان. و على الرغم من أن التقوقع و التقشف سيكون له آثار إيجابية و مستدامة على المدى البعيد إلا أن التكلفة السياسية و الإجتماعيه ستكون باهظة و ستضطر مصر للدخول في حالة كساد لفترة طويلة. قد يظهر أن هذا السيناريو بعيد عن الواقع لكن إذا إستمرت الإضطرابات السياسية و قلة الدعم من أصدقاء المشروع فإن هذا السيناريو سيكون واقعا نعيشه.

الثالث: الخروج عن السيطرة:
الإعتقاد هنا أن إستمرار الإضطرابات السياسية و حدة الأزمة الاقتصادية ستخرج البلد عن السيطره و سيخرج الناس في الشوارع مطالبين بتحسين أوضاعهم. البعض يتصور مشهد قريب لما يحدث في اليونان حيث خرج الناس للإعتراض على سياسة التقشف. لكن البعض الآخر يصورها على أنها ستكون ثورة جياع.

بناء على السيناريوهات الثلاثة، فإن الاقتصاد المصري الآن على مفترق طرق حقيقي. و في الغالب سيلجأ من يحكم مصر إلى تجربة الطرق الثلاثة بالترتيب حيث سيبدأ بالإعتماد على أصدقاء المشروع لعلهم يعينوه. حتى إذا لم يفعلوا، لجأ إلى التقوقع و التقشف و الذي على الأرجح سيؤدي إلى خروج الأمور عن السيطرة. الأمل هنا في نجاح السيناريو الأول أو على الأقل السيناريو الثاني و أن لا نضطر للوصول للسيناريو الثالث المظلم.

عمر الشنيطي
١٧-مارس-٢٠١٣

Wednesday, March 13, 2013

Economic Insights: Dubai Recovery

For many years, Dubai has been positioned as the regional business hub with some very key assets such as infrastructure, trade and tourism.

Dubai has invested a lot in building those core assets over the years and in the last few years before the financial crisis, the real estate market in Dubai has witnessed humongous growth, forming a classical real estate bubble. Yet this bubble continued growing and flourishing for few years leading to tons of money being injected from all over the region into Dubai to gain from the huge returns of investing in such bubble.

Yet with the global financial crisis in 2008, Dubai had to go through a very rough economic downturn for the last few years, which has led to the burst of the real estate bubble, leading to a significant decrease in property prices that exceeded more than 50% of the property’s value in many cases.

Such economic downturn has resulted into a sovereign debt problem, where Dubai couldn't pay some of its outstanding debts. Wasn't it for Abu Dhabi and its great support, Dubai would have been bankrupt. But such kind of support from Abu Dhabi, though being very generous, it was not able to help re-switch the economy but only helped keep Dubai economy from collapsing.

Yet throughout 2009 and 2010, Dubai has been witnessing a very slow economy and a very dormant property market to the extent that many people started to claim that Dubai lost its charm.

Then the Arab Spring started taking place end of 2010 in Tunisia, then in Egypt in early 2011 and in other places around the region such as Libya, Syria, Bahrain and Yemen. Though the Arab Spring movements have generally impacted the business environment negatively, its impact on Dubai has been very positive, where many people especially people from the old regimes in the countries that witnessed revolutions viewed Dubai as safe place for their savings and investments.

Viewed as a “safe” for savings and investments, Dubai has witnessed huge cash influx throughout 2011 and 2012 from those Arab Spring countries especially Egypt, Tunisia and Syria, resulting into increases in bank deposits in UAE in general and Dubai in specific, as highlighted by several official notes. The cash influx coming into Dubai has had a very positive effect on the economy which started to show big signs of recovery by the end of 2011 and in 2012 the economy has definitely exceeded all expectations.

Such positive economic developments have had great impacts on the property market, which started to recover back and property prices started to go upwards at very high rates though the property prices didn't fully recover their previous levels. This trend has also impacted rentals which are witnessing increasing levels over the past few months.

This is all great news. But can Dubai property market live without forming a bubble?

The answer seems to be “NO”. As the property market started to pick up, it showed very high increases in prices for few consecutive months. This has attracted many investors, regionally and globally, to invest in the property market as they look for phenomenal returns that can’t be made without speculating for high growth. So simply a new real estate bubble is in the making, with all the people involved in it aware that it is a bubble but very happy they are making such huge returns.

But on the other hand, the tourism market, being one of Dubai core assets, has picked up very well, where Dubai has become the destination for many regional tourists especially Saudis due to problems in Egypt, Syria, Lebanon and Bahrain. This development has very positive impact on all related sectors such as retail and others. Besides, Dubai has been able to position itself as a tourist destination for tourists from all over the world that go to visit some of the never ending Dubai wonders.

In addition, Dubai state-of-the-art infrastructure and business friendly ecosystem has helped Dubai to attract companies and individuals from all over the world to get based out of Dubai to serve the Middle East region and in some cases other nearby regions.

Bottom line: Thanks to many factors, on top of which is the Arab Spring, Dubai is recovering and capitalizing on its core assets of tourism and infrastructure. At the same time, a new real estate bubble is in the making, and it is happening too fast…

(Note: This is an aggregated analysis. For more details, people can check different news and updates shared in the page)

Omar El-Shenety
13-March-2013

Sunday, March 10, 2013

٢٠٠ مليار دولار

لقد أصبح رقم "٢٠٠ مليار دولار" هو الأشهر والأكثر تداولاً في الآونة الأخيرة عند الحديث عن الطموحات الإقتصادية في مصر. وقد تردد هذا الرقم في ثلاثة مواضع على وجه التحديد. الأول كانت وقت انتخابات الرئاسة حين أكد الدكتور مرسي آنذاك أن مجموعة من الشركات الأجنبية قد وعدت باستثمار "٢٠٠ مليار دولار" في مصر خلال أربع سنوات، واعداً الناس برخاء اقتصادي في عهده. الثاني كان وقت الحديث عن الصكوك حين أكد بعض الخبراء آنذاك أن قانون الصكوك سيجلب "٢٠٠ مليار دولار" لمصر خلال عام ثم تم تعديل التوقع ليكون خلال اربعة أعوام. أما الثالث فكان في الأيام القليلة الماضية وقت الحديث عن تأجير المناطق الآثريه لمستثمرين أجانب (إن صحّت هذه الأخبار) و أنها يمكن أن تجلب أيضا "٢٠٠ مليار دولار" للدولة. صدفة عجيبة أن كل المشروعات التي تُطرح في عهد الإخوان ستجلب نفس الرقم وهو "٢٠٠ مليار دولار".

إن نظرية المؤامرة التى يطبقها الكثير من الناس حاليا على كل ما يحدث في مصر، تقضى بأن هناك فعلا "٢٠٠ مليار دولار" في مكان ما وعد بها أحد ما الإخوان. لكن فى الواقع يصعب تصديق ذلك حيث أن هذا الرقم كبير جدا حتى على حلفاء الإخوان. فبعيدا عن نظرية المؤامرة، هذا الرقم أقل ما يوصف به أنه خيالي وهذا ينطبق على الثلاثة مواضع التي ذكر فيها.

بخصوص أول "٢٠٠ مليار دولار": لسنوات متعددة قبل الثورة تراوح متوسط الاستثمار الأجنبي المباشر سنويا من ٨ إلى ١٠ مليار دولار. و قد انخفض الاستثمارالأجنبي بعد الثورة لقرابة الصفر. و بالتالي ليس من المعقول أن يزيد بعد تولي الإخوان مقاليد الحكم لخمسة أضعاف ما كانت عليه قبل الثورة.

أماعن ثاني "٢٠٠ مليار دولار": نجد أن إجمالي سوق الصكوك العالمي بلغ ٣٠٠ مليار دولار بنهاية ٢٠١٢ ويتوقع زيادته إلى ٩٠٠ مليار دولار بنهاية ٢٠١٧. و قد تصل حصة مصر ١٠-١٥% من السوق أي ١٠٠ إلى ١٥٠ مليار دولار بنهاية ٢٠١٧، تبدأ بحصة منخفضة ثم تزيد بمرورالوقت. و بالتالي ليس من المعقول أن تسطيع الصكوك أن تجلب هذا الرقم في عام أو حتى في أربعة أعوام.

وأخيراً ثالث "٢٠٠ مليار دولار": حتى و إن تم الموافقة على قانون تأجير المناطق الآثريه لمستثمرين أجانب حتى وإن شمل ذلك المناطق الآثريه الرئيسية فإنها لا يمكن أن تجلب هذا الرقم الكبير حتى على عشرة سنوات فهذا يعني ٢٠ مليار دولار سنويا و هذا ليس من المعقول حيث أن إجمالي إيراد قطاع السياحة في مصر قبل الثروة كان يتراوح سنويا بين ١٠ إلى ١٢ مليار دولار.

ترويج هذه الارقام له عواقب وخيمة لعدة أسباب:
أولا: الإستمرار في ترويج الوعود الإقتصاديه التي لا تتحقق يفقد الناس الثقة في السلطة وما تستطيع فعله وما تعد به.
ثانيا: صدفة "٢٠٠ مليار دولار" العجيبة حولت وعود السلطة الإقتصاديه و أحاديثها لإضحوكه يتحاكى بها الجميع.
ثالثا: ربط بعض الأدوات و الهياكل المالية الجديدة مثل الصكوك وتأجير المناطق الآثريه وغيرها بأرقام خيالية لايمكن تحقيقها يقتل هذه الأدوات والهياكل المالية على الرغم أن بعضها قد يكون مفيدا.

لذلك على من يحكم مصر أن يعيد النظر في الوعود الإقتصاديه من حيث المضمون و الترويج الإعلامي لها سواء خرجت بشكل رسمي أو بشكل من هو قريب منها. فيجب أن تتم استشارة أهل الخبرة بدلا من أهل الثقة والتأكد من القدرة على التنفيذ قبل التصريح بهذه الوعود الخيالية. فإن إستمرارية ظاهرة الوعود الخيالية التي لا تتحقق يكسب السلطة صورة ذهنية شديدة السلبية حتى تتحول لقناعة وثيقة ويفقد الناس الثقة في السلطة وهو ما لا يحمد عقباه.

عمر الشنيطي
١٠-مارس-٢٠١٣
نُشر هذا المقال فى "جريدة الوطن"