Sunday, March 31, 2013

الشراكة مع ليبيا و العراق

منذ الثورة و مصر تعاني من أزمة اقتصادية تزداد شدتها بمرور الوقت حتى وصلنا إلى الوضع الحرج الذي نمر به الآن. و ينبري الاقتصاديون في الحديث عن أسباب الأزمة و كيفية الخروج منها محملين الأزمة السياسية مسئولية الوضع الحالي و معلقين آمالا كبيرة على الاستثمار الأجنبي و ما يمكن أن يدره على مصر لكن الاستثمار الأجنبي لن يتدفق على مصر في ظل الازمة السياسية المتصاعدة. لذلك لابد من التفكير في طرق مختلفة و سريعة للتعامل مع الأزمة. و يجب أن تكون هذه الحلول خارج الصندوق و لا تعتمد على الإستقرار السياسي الذي لن يتحقق في القريب العاجل. و لعل من أهم هذه الحلول هي بناء شراكات حققية و مستدامة مع بعض الدول العربية الصاعدة في المنطقة و يأتي على رأس هذه الدول ليبيا و العراق و التي قد تمثل شراكة مصر معهما حل استراتيجي سريع لكثير من مشاكل مصر الاقتصادية الحالية.

هناك خمسة محاور رئيسية للشراكة مع ليبيا و العراق تجعل هذه الشراكات في غاية الأهمية:
أولاإمداد مصر بالبترول:
 مصر تمر بأزمة حقيقية في الطاقة ستتفاقم بشكل كبير في الصيف القادم كما يتنبأ المتخصصون حيث أن إنتاج مصر الإجمالي من الطاقة لا يكفي الإستهلاك و تصل الفجوة إلى مداها الأكبر في الصيف. و تعاني مصر من نقص في المواد البترولية الخام المطلوبة لتوليد الكهرباء. و في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية و الوضع المالي السييء لوزارة البترول و هيئاتها سيصعب على مصر الإعتماد على سوق البترول العالمي لاستيراد البترول الخام لعدم قدرة الدولة دفع المستحقات المعلقة عليها في وقتها. لذلك على مصر أن تعقد اتفاقيات استراتيجية لاستيراد البترول الخام بشروط دفع ميسرة و بأسعار مخفضة إذا أمكن ذلك. و على رأس هذه الدول التي قد تعقد مثل هذه الاتفاقيات ليبيا و العراق لأسباب سياسية وكذلك من باب التكامل الاقتصادي.

ثانيا: توظيف العمالة المصرية:
واحد من أهم أهداف الإدارة الاقتصادية للدولة هو توفير فرص عمل كريمة و مناسبة للأفراد مما يساعد على إبقاء معدل البطالة منخفضا خاصة بين الشباب. و بسبب كبر عدد السكان في مصر و عدم وجود إدارة اقتصادية حكيمة لعقود فإن مصر كانت تعتمد بشكل كبير على تصدير الأيدي العاملة شرقا و غربا. و قد أدى ذلك إلى الحد من البطالة لفترات طويلة كما أن تحويلات المصريين بالخارج كانت ولا تزال خط لإنعاش الاقتصاد خاصة في وقت الأزمات حيث تقدر تحويلات المصريين بالخارج في ٢٠١٢ بحوالي ١٥ مليار دولار. و لكن بلا شك فالأهم من ذلك هو إيجاد فرص عمل خارج الاقتصاد المصري حيث يقدر إجمالي العاملون بالخارج بقرابة ٧ مليون نسمة. و يذكر أنه قبل حرب الخليج كان هناك نصف مليون مصري يعملون في العراق على أقل تقدير و كان لهذا الرقم أن يتضاعف غير أن صدام قلص هذه الأعداد بعد موقف مصر في حرب الخليج. كما يذكر أنه قبل الثورة كان هناك مليون و نصف المليون مصري يعملون في ليبيا على أقل تقدير. هذه الأعداد ليست بالقليلة و ظاهرة المصريين العاملين بالخارج لها العديد من الجوانب الاقتصادية و الإجتماعية الجيدة. الآن و قد تعدي سكان مصر ٩٠ مليون نسمة منهم ٣٠ مليون في سوق العمل مع نسبة بطالة رسمية ١٣٪ أي حوالي ٤ مليون شخص أغلبهم من الشباب فإن العمل على فتح أسواق عمل بالخارج للمصريين أمر في غاية الأهمية.

ثالثا: عقود المشروعات العملاقة:
ليبيا و العراق تشهدان مشروعات بناء و إعمار عملاقة تستطيع الشركات المصرية الكبرى المساهمة فيها. مثل هذه المشروعات قد تمثل طوق النجاة لهذه الشركات التي تعاني من ركود الاقتصاد في مصر. كما أن هذه المشروعات ستعود بالنفع على الاقتصاد المصري بفضل تحويلات الشركات المصرية من أنشطتها في الخارج و من تعيين الكثير من العمال و المهندسين المصريين لإنجاز هذه المشروعات.

رابعا: تصدير المنتجات المصرية:
الصناعية المصرية تحتاج لأسواق لترويج منتجاتها خاصة أسواق بها تنافسية منخفضة في بعض القطاعات و لكن بها سيولة و قوة شرائية و هو ما تتمتع به ليبيا و العراق. و يساعد الصناعية المصرية في ذلك تخفيض قيمة الجنيه مما يزيد من تنافسية سعر المنتجات المصرية في الخارج.

خامساالاستثمار الأجنبي في مصر:
على رغم من أن الاستثمار الأجنبي لا يمكن أن يكون الحل السحري لأزمة مصر الاقتصادية إلا أنه بلاشك جزء من الحل حيث يستطيع الاستثمار الأجنبي توفير فرص عمل في الداخل و تحريك عجلة الاقتصاد البطيئة. لكي يحدث ذلك بشكل مستدام لابد أن تبني مصر شراكات اقتصادية حقيقية مع حلفاء إقليميين لا يكون لهم أجندة سياسية للتدخل في شئون مصر و لعل ليبيا تأتي على رأس هذه البلدان.

مما سبق ذكره فإن الشراكة مع ليبيا و العراق في غاية الأهمية لمصر في الوقت الراهن. و إحقاقا للحق فإن الحكومة المصرية اتخذت خطوات جيدة في هذا الصدد لكن تحتاج مصر لجهد و تركيز أكبر في هذا الأمر لتفعيل شراكات حقيقية و مستدامة تقدم حل استراتيجي سريع لكثير من مشاكل مصر الاقتصادية الحالية.

عمر الشنيطي
٣١ -مارس- ٢٠١٣

No comments:

Post a Comment