Sunday, February 10, 2013

فلسفة الإخوان فى إدارة الدولة

بين إدعاءات المحللين بإن مصر أصبحت دولة "فاشلة" و تردى الوضع الإقتصادى، يتبادر للذهن: كيف وصل الحال إلى هذه المرحلة؟ هذا السؤال ينطبق على الإقتصاد وكذلك إدارة الدولة بشكل عام.

بعد بضعة  أشهرعلى وصول الإخوان للحكم، يصعُب إجراء تقييم متكامل للتجربة وكذلك يصعُب الجزم بفشلهم ولكن يمكن تحليل أدائهم واستقراء فلسفتهم فى إدارة الدولة. إذا أردنا حُكمًا موضوعيًا لابد أن ننظر لأداء الأخوان وكذلك العقبات التى تشكلها المعارضة. وعلى الرغم من إيمانى بالدورالسلبى لهذه المعارضة، إلا أننى سأقتصر فى هذا المقال على فلسفة الإخوان فقط لسببين: أولًا: أسهل شىء هو إلقاء اللوم على الآخر كوسيلة للهروب من حقيقة الإدارة السيئة. ثانيًا: أننا مازلنا لا نملك أدلة لإتهام المعارضة بالمؤامرات. فمن الأفضل الحديث على من يدير زمام الأموروقراءة فلسفته .

رغم حرمانهم لعقود من المساهمة فى إدارة الدولة، إندفع الإخوان لحصد المناصب من خلال الإنتخابات. بطبيعة الحال فإنهم لا يسعون للفشل ويبدو واضحًا أنهم بنوا فلسفتهم فى إدارة الدولة على عدة إفتراضات دفعتهم لإعطاء وعود براقة في الإنتخابات. وبالنظر إلى برنامج الحزب ثم مشروع النهضة وكذلك ما قيل فى جلسات الحوار المجتمعى، نستطيع أن نستخلص فلسفة الإخوان فى إدارة الدولة بإقتصادها ومؤسساتها بناءًا على ثلاث افتراضات رئيسية:
الأول: أن مصر دولة غنية بها موارد كثيرة ولديها القدرة على إحداث تنمية فى قطاعات مختلفة. وهذا الافتراض به الكثير من الصواب فمصر دولة بها موارد متعددة وتستطيع الارتكاز على قطاعات مختلفة ولكن الخطأ هو المبالغة فى حساب الموارد كما حدث فى موضوع الصناديق الخاصة. و كذلك عدم إدراك أن مصر تعانى لعقود من عجزهيكلى فى ميزانيتها قد يتطلب سنوات طويلة لمجرد إرجاع الميزانية تحت السيطرة.

الثانى: أن هذه الدولة الغنية بالموارد ينقصها مشروع قومى طموح حتى تنهض وهو ما ترجمته الجماعة بإصدار "مشروع النهضة". وبالرغم من أهمية هذه النوعية من المشاريع، إلا أن ما أُطلق من مشاريع كانت فى غاية التفاءل بدرجة تفوق المنطق. ولم يأبه الإخوان بالتحديات التى ستقابلهم وقت التنفيذ مثل قلة الإمكانيات المالية والعقابات الإدارية ولكن تفانوا فى تسويق هذه البرامج وإطلاق الوعود وأدى ذلك فيما بعد إلى الشعور بالإحباط خاصةً فى الجانب الإقتصادى الذى أصابه تراجع كبير.

الثالث: أن مؤسسات الدولة تسير بقوة الدفع الذاتى وكانت تدارمن مجموعة غير مخلصة وفاسدة فى كثيرٍ من الأحيان. ولذلك أعتقد الإخوان أن الدولة ستسير بشكل أفضل بتعيينهم لأفراد من "أهل الثقة" يتسمون بالحد الأدنى من الكفاءة والأمانة. الواقع أن جهاز الدولة له ثقافة مختلفة أصبحت فيها الإكراميات جزء من الحياة اليومية والفساد له تعريفات أخرى، فكان لدخول أهل الثقة وتلويحهم بمحاربة الفساد بشكل علنى أثار سيئة حتى وإن اتسم بعض من تم تعينهم بالكفاءة. فقد أدى ذلك إلى إستنفار قطاع كبير من الموظفين الذين شعروا بالخطر لأن ذلك يهدد ما اعتادوا عليه حتى وإن لم يكونوا فاسدين. كما أحدث ذلك حالة من الشلل فلا تجد مسؤول لديه رغبة فى التوقيع على ورقة.

هذه الافتراضات الثلاثة شكلت إلى حد كبيرفلسفة الإخوان في الشق الإقتصادي والإداري للدولة. ما زال مبكرًا إصدار حكم نهائى على التجربة وما زال لدى الإخوان الفرصة بأن يعيدوا النظر فى فلسفتهم وأن يعدلوا عن إفتراضات "موارد الدولة الغنية" و"البرامج الطموحة هى أهم ما تحتاجه مصر" و"سيرالدولة بقوة الدفع الذاتى وتعيين أهل الثقة" والتى ظهر الكثير من آثارها السلبية. وعليهم أن يقوموا بتغيرات فى السياسات والأشخاص الذين يتصدرون المشهد بكفاءات قادرة على تدراك الموقف وتغيير المسار. "لم تفت فرصة تغير المسار بعد ولكن لم يبقى أمامها الكثير...".

عمر الشنيطي
١٠-فبراير-٢٠١٣
نُشر هذا المقال فى "جريدة الوطن"

No comments:

Post a Comment