فى الآونة
الاخيرة، تحدث الكثيرون عن قرب "انهيار الاقتصاد المصرى" حتى أن الدكتور
محمد البرادعى صرح مؤخراً أن الاقتصاد سينهار بعد 6 أشهر. وحيثما يتداول هذا
الكلام، ينقسم الناس الى ثلاثة مجموعات:
-المجموعة الأولى: "معارضة للنظام" وتدلل بانهيار
الاقتصاد على فشل النظام الحاكم فى إدارة البلاد.
-المجموعة الثانية: "مؤيدة للنظام" وتدعى ان هذا
الانهيار هو نتيجة الاثار السلبية للمعارضة وتعطيل عجلة الانتاج بسبب المظاهرات.
-المجموعة الثالثة: "عامة الشعب" والذى لا يصدق كل
هذا حيث أنهم يسمعون هذا الكلام منذ شهور ومع ذلك فالمطاعم والمجمعات التجارية
مزدحمة بالزبائن ولا يوجد أى علامات للإنهيار.
وفى ظل هذا
التخبط، وجب علينا شرح الوضع بشكل علمى وبسيط، والسؤال الآن:
هل الوضع
الاقتصادى فعلا سئ؟!
بالطبع الوضع
الاقتصادى سئ للغاية. فإذا نظرنا للمؤشرات الاقتصادية الكلية نجد زيادة كبيرة فى
عجز الميزانية فى العام الماضى والتى سيستمر العجز بها إن لم تأخذ الحكومة قرارات
هيكلية ليست سهلة التنفيذ. الى غير ذلك من المؤشرات التى شهدت تدهوراً شديداً منذ
ثورة 25 يناير وحتى الآن. على الرغم من أن الوضع قبل الاحداث الاخيرة كان قد بدأ
فى التحسن وان كان التحسن تدريجيا.
هل ممكن ان ينهار
الاقتصاد فى الفترة القادمة؟
طبقاً للوضع
الاقتصادى الحالى والتطورات السياسية السلبية فإن الاقتصاد قد يشهد تطورات شديدة
السلبية فى الاشهر القليلة القادمة ويرجع ذلك الى أربعة أسباب:
١- عجز الميزانية بلغ
رقماً قياسيا فى العام الماضى ليصل الى 170 مليار جنية ويتوقع هذا العام ان يتخطى
العجز الحقيقى هذا الرقمو هو ما لا يتحمله الاقتصاد .
٢- مع ازدياد العجز،
تزيد الضغوط لتمويل العجز والذى تتحمل البنوك، التى تحولت الى وسيط يجمع الاموال
لتمويل عجز الحكومة فى المقام الاول، العبء الاكبر منه. ولهذا آثار سلبية على
تمويل الشركات والمشروعات المختلفة ويؤثر على نشاط الشركات والاقتصاد بشكل عام.
٣- تستورد مصر سنويا
ما يعادل ضعف ما تصدره ولذلك فلدى مصر عجز فى الميزان التجارى. فإذا تدهور سعر
الجنية اما الدولار، هذا يعنى زيادة العبء على الميزان التجارى. بما ان احتياطى
النقد الاجنبى وصل الى 15 مليار دولار أى ما يعادل 3 اشهر من استيراد السلع فإن إحتمالية حدوث ذلك أصبحت كبيرة و وشيكة.
٤- تحتاج العديد من
المؤسسات الحكومية الى تمويل بشكل او آخر مثل الهيئة العامة للبترول. هذه الهيئات
تحتاج تمويل سريع والا سنعانى من نقص السلع والخدمات التى تقدمها هذه الهيئات.
هذة الأسباب تنبء بانهياراقتصادي فى الاشهر القليلة القادمة.
متى نصل للإنهيار؟
هذا سؤال محير،
فقد نصل اليه فى ثلاثة أو ستة أو تسعة أشهر. فى الحقيقة تعتمد سرعة التدهور على
سرعة حسم الخلافات السياسية وبالأخص إنهاء حالة حرب الشوارع والاستقطاب غير
المسبوق.
ماذا سيحدث عند
الانهيار؟
ببساطة ستتدهور
قيمة الجنية مما يؤدى الى تضخم كبير فى سعر السلع الرئيسية مع نقص حاد فى وجود هذه
السلع فى الاسواق. وسينعكس ذلك بشكل كبير على الطبقات الاكثر فقراً التى ستخرج
للشارع لتعبير عن ضيقها فى ثورة جياع حقيقية.
قد يستنتج القارئ
أننى مع تهدئة المعارضة حتى تستقر الامور. ولكن الحقيقة عكس ذلك. ان التئام الجرح في المرة الثانية
بعد أن يتلوث أصعب من المرة الأولى بكثير. لذلك أرى ان علينا ان ننتهى من عملية تنظيف
الجرح أولا. حيث ان التسوية الظاهرية الآن لن يكون لها آثار ايجابية على الاقتصاد،
فمن سيستثمر فى دولة نظامها القضائى مشلول ويتصارع أهلها فى الشوارع؟!. لذلك يجب
أولاً ان ندع الاقتصاد جانباً حتى ينتهى التطهير ويعد للوطن وحدته ويتوقف نزيف الدماء.
عمر الشنيطي
٩-ديسمبر- ٢٠١٢
نُشر هذا المقال فى "جريدة الوطن"
نُشر هذا المقال فى "جريدة الوطن"
No comments:
Post a Comment