بصدور هذا المقال
سيكون قد تم الانتهاء من التصويت على مشروع الدستور، لذلك فإن هذا المقال لا يهدف
لتغليب طرف على آخر أو لحشد الناس للتصويت فى أى اتجاه، إنما يهدف لفهم الأبعاد
الاقتصاديه لما بعد الدستور.
منذ ان تم تحديد
موعد الاستفتاء على الدستور، أطلقت جماعة الاخوان المسلمين، حملة "بالدستور
العجلة تدور" فى محاولة لحشد الناس للتصويت بنعم، واعدين بأن الدستور سيساعد
على الاستقرار السياسى ومن ثم الاقتصادى والبدء فى تحقيق النهضه، حتى ان أحد رموز
الإخوان وعد ان الاستثمارارت الاجنبية “ستتدفق” على مصر فور
إقرار الدستور. بينما كان هناك فريق آخر على النقيض، لا يرى ان إقرار مثل هذا
الدستورسيؤدى الى أى استقرار أو نمو اقتصادى ويدلل على ذلك بالوعود الاقتصادية
المبالغ فيها التى وعد بها الرئيس خلال حملته الانتخابية والتى لم تحقق الى الآن.
لكن بعيداً عن هذا
كله، دعونا ننظر الى الأمر بموضوعية وحيادية.
هل فعلاً عجلة الاقتصاد ستدور بعد إقرار الدستور؟!
يفترض من الناحية
النظرية ان يحدث ذلك، فإقرار الدستور يعتبر خطوة كبيرة فى تجربة التحول الديمقراطى
ومن المفترض ان يتبعه انتخابات برلمانية إضافة الى استكمال تشكيل باقى مؤسسات
الدولة. هذا من شأنه ان يحدث استقرار سياسى، والذى من المفترض ان ينعكس على الوضع
الاقتصادى فى جذب الاستثمارات والانتعاش الاقتصادى. لكن هذا الافتراض يغض الطرف عن
الوضع المؤسسى والاجتماعى فى مصر. حيث تشهد البلاد حالة استقطاب حادة، تميزت بطريقة
جديدة لحسم الخلافات السياسة عن طريق الحشد الذى يؤدى فى النهاية الى اشتباكات فى
الشوارع، الى جانب تذبذب مؤسسة الرئاسية الذى يتجلى فى قرارات يتم اتخاذها ثم
العدول عنها. كل هذه المظاهر لا تنبئ باستقرار سياسى اواقتصادى قريب.
ماذا سيحدث للاقتصاد بعد الدستور؟!
من المتوقع ان يحدث
مثل ما حدث بعد انتخابات الرئاسة.
أولاً: سيتم الموافقة على قرض صندوق النقد الدولى لمصر وهذه
ستكون علامة جيدة وستفتح الباب أمام الكثير من المساعدات والمنح والقروض والمعونات
التى تكون فى صورة وعود يتم صرفها على فترات زمنية بشرط تحقيق الكثير من الاصلاحات
الاقتصادية.
ثانياً: ستقوم بعض الدول الحليفة للنظام الحاكم فى مصر بالإعلان
عن صفقات اقتصادية كبيرة. بطبيعة الحال هذه الاستثمارات يغلب عليها الطابع السياسى
وسيتم تنفيذها على فترات متباعدة كشأن أى صفقة استثمارية كبيرة. كالعادة ستتصدر قطر
ثم تركيا المشهد ثم بعد ذلك تأتى أمريكا.
ثالثاً: بحدوث الجزء الأول والثانى، يفترض ان يعتبر ذلك حافزاً
للاستثمارات المحلية والأجنبية الخاصة بسبب زيادة الثقة فى السوق المصرى، وهذا من
شأنه تحفيز الاقتصاد. ولكن هذا الأمر حدوثه مربوط بتحسن الكثير من المؤشرات
الاقتصادية المحلية كسعر العملة والتضخم وكذلك الاستقرار السياسى.
ما سبق هو نفس
سيناريو ما حدث بعد انتخابات الرئاسة، حيث القروض الخارجية والاستثمارات الأجنبية لكن
توقف كل هذا بعد التداعيات الأخيرة، وسيكون موقف الاستثمار الخاص داخلياً وخارجياً
أكثر تحفظاً فى المرات القادمة.
الخلاصة: ماذا سيحدث؟!
ستدور عجلة
الاقتصاد لفترة قصيرة ولكن ليس كما يتوقع المتفائلون، لأن بعد فترة قصيرة سنعود
لنفس النقطة مرة أخرى، ان لم يكن الأمر أسوأ وذلك يعتمد على سرعة تدهور المؤشرات
الكلية كسعر العملة والتضخم وغيرها، مالم يتم إعادة هيكلة للحكومة الحالية. ولذلك
فعلى المؤسسة الرئاسية الإسراع فى إعادة هيكلة الجهاز التنفيذى خاصة القائم على
الحقائب الاقتصادية وتشكيل فريق اقتصادى قادر على إدارة الأزمة الاقتصادية، حيث أن
غياب الكفاءة الإدارية الحالى والصورة المهتزة للحكومة ستضيع الفرصة بلا شك.
عمر الشنيطي
٢-ديسمبر- ٢٠١٢
نُشر هذا المقال فى "جريدة الوطن"
نُشر هذا المقال فى "جريدة الوطن"
No comments:
Post a Comment