Monday, November 19, 2012

يا شعبى الحبيب الصبور المهاود

شهدت مصر تحولاً كبيرا على الساحة السياسية بعد ثورة 25 يناير، ولعل من أبرز معالم هذا التحول ان الفصيل سياسى الذى كان محروماً من أبسط حقوقه السياسية، وهى تكوين حزب يعبر عن أفكاره، أصبح الآن هو الذى يمسك بمقاليد الحكم فى مصر. إن هذا التحول أدى الى تطلُع جموع الشعب المصرى الى حياة أفضل يتحقق فيها مبادئ الثورة وارتفع سقف التوقعات بشدة فى فترة الانتخابات خاصة من حملة مرشحى الإخوان الذين تعهدوا بحلول سريعة فى خلال المائة يوم الأولى لحل المشاكلات الأساسية التى تواجه المجتمع المصرى دون المساس بالعدالة الاجتماعية.

لكن كيف لمن كان بعيداً طوال حياتة عن الحكم ان يضع خطة كهذه؟ بالضرورة أن هناك افتراضات قامت بها الجماعة، وبما ان افراد الجماعة قريبين من المجتمع فهم يدركون خطورة المشاكل ولكنهم كانوا يراهنون على صبر وتحمل الشعب وقد بدى ذلك جلياً فى خطابهم اثناء فترة الانتخابات. حيث علقوا الآمال على ان الشعب الذى دعم عبدالناصر وأيد قراراته رغم قسوة بعضها وصبر على حكم العسكر 60 عاماً، بالتأكيد سيصبر على ما هو آت.

ولكن هل هذا صحيح؟ فيما يلى سنجد أن هناك أربعة اختلافات رئيسية بين الخمسينيات والآن:
أولاً: فى الخمسينيات كان الاقتصاد المصرى دائناً لانجلترا بعد الحرب العالمية الثانية، بينما نحن الآن نعانى من دين تخطى التريليون جنية.
ثانياً: فى عهد عبدالناصر تم اتخاذ العديد من القرارات الشعبية التى استفاد منها قطاع عريض من أبناء الشعب و تميز عهد عبدالناصر بالحزم السياسى والادارة السياسية القوية، بينما نحن الآن فى حالة من التخبط السياسى يبدأ من صعوبة إقرار دستور حتى غلق المحال التجارية
ثالثاً: رأى الشعب فى عبدالناصر البطل الذى جاء ليرفع طبقات المجتمع المتوسطة والفقيرة ورأوه قائداً يثقون فيه، بينما هناك شعور قوى فى مصر الآن بعدم الشفافية فى العديد من القضايا الرئيسية.
رابعاً: تميزت فترة الخمسينيات بالميل للإشتراكية التى عادة ما تلقى قبولا من قطاع واسع من طبقات الشعب ولم يكن حول عبدالناصر رجال اعمال بارزين، بينما تترسخ صورة النظام الحالى على أنه نظام رجال أعمال كسابقة ولكن بصيغة إسلامية.

هذه الأسباب الأربعة تجعل الوضع الآن مختلف عن سابقه فى الخمسينيات ولذلك فتحمل الشعب للتغيرات والإصلاحات الآن سيكون مختلفاًعن تلك الفترة التى نعِم فيها المواطن المصرى بحياة كريمة – وإن لم تكن سهلة- لكنه كان يشعر بكرامته داخل وطنه وخارجه.
كلما نظرت الى المشهد السائد على الساحة الآن، أتذكر مشهد الفنان القدير محمد صبحى فى مسرحية "تخاريف" حينما كان يلعب دور الديكتاتور وكان ينادى شعبه باستمرار قائلاً "يا شعبى الحبيب الصبور المهاود"، وهو ما لا يختلف كثيراً عن نوع الخطاب التى تطلقة الحكومة والرئاسة على الرغم من أن الرئاسة الحالية لا يمكن بأى حال تصنيفها أو وصفها بالديكتاتورية حتى الآن. ويجب أن لا ننسى ان فى آخر المسرحية لم يكن الشعب صبورا ولا مهاوداً وانقلب على رئيسه. لذلك من المهم ان تغير مؤسسة الرئاسة والحكومة والحزب الحاكم من افتراضاتها لردود فعل وقوة تحمل الشعب وان تعيد النظر فى برنامجها وخطواتها الاصلاحية.

عمر الشنيطي




١٨-نوفمبر- ٢٠١٢







No comments:

Post a Comment