Monday, November 12, 2012

هل سنعود لسيناريو 1977

فى عام 1977، أقدم الرئيس أنور السادات على خطوة كبيرة نحو تحرير اسعار السلع الرئيسية خاصة رغيف الخبز، بناءاً على توصيات البنك الدولى وصندوق النقد الدولى، فى إطار جهود مصر  لإعادة هيكلة الاقتصاد فى ذلك الحين. كانت تهدف تلك الخطوة لتحرير الأسواق وتخفيض فاتورة الدعم، لكن فى المقابل إجتاحت مصر موجة عارمة من التظاهرات اضطرته الى العدول عن قراره بعد 48 ساعة فقط من إتخاذه.

الآن وبعد 35 عاما، تعود مصر الى مفترق طرق مشابه حيث تفاوضت الحكومة الحالية مع صندوق النقد الدولى على قرض تصل قيمته 4.8 مليار دولار، ولكنه مشروط بإعادة هيكلة الدعم والقيام بالكثير من الاصلاحات الاقتصادية التى باتت ضرورية على كل حال.

لذا فإن المشهد الحالى يثير تساؤلات مهمة: "هل سنعود الى سيناريو 77؟ وهل سيخرج الشعب الى الشارع ليجبر الرئيس والحكومة على العدول عن قرارات ومبادرات الاصلاح الاقتصادى؟".
إذا نظرنا الى الموضوع نظرة استراتيجية، نجد ان هناك احتمالية -ليست صغيرة- أن تعيش مصر فترة مماثلة لعام 1977 وذلك لخمسة اسباب:
أولا: عدم الشفافية والتضارب: فالمتابع لتصريحات الحكومة والرئاسة يجد حالة من الغموض وعدم الشفافية بخصوص شروط القرض، فحيناً يقال أنه مشروط وأخرى يقال أنه غير مشروط، مما يؤدى الى تضارب فى تصريحات المسؤلين بخصوص الدعم وسعر العملة وغيرها من القضايا المتعلقة به.
ثانيا: تردى الوضع الاقتصادى: حيث يعانى الاقتصاد المصرى من اضطرابات على المستوى الكلى وينعكس ذلك على وضع الافراد خاصة الأكثر فقراً -والذين يعانون بشكل متزايد منذ اندلاع ثورة 25 يناير2011- ولذلك فقدرة الطبقات الفقيرة على تحمل اى غلاء فى الأسعار ضعيفة جداً، سواء جاء ذلك من خلال رفع سعر رغيف الخبز، وهو أمر غير متوقع، أو إعادة هيكلة الدعم على الطاقة، والذى سيؤدى الى ارتفاع غير مباشر فى الاسعار.
ثالثا: الانفلات: حيث تعانى مصر من حالة انفلات عام لا يقتصر فقط على الانفلات الامنى، ولكنها تعدت لتصل الى انفلات أخلاقى. فنجد مستوى الحوار والنقد قد تدنى لدرجة غير مقبولة. وأصبح تعريف "حرية التعبير" هو السب والقذف العلنى مما أدى إلى خلق معارضة غير منطقية للقرارات بشكل عام.
رابعا: التردد: ظهور حالة تردد شديد من الحكومة فى إتخاذ قراراتها. تجلّت فى قضية إغلاق المحال التجارية مبكراً. هذا التردد يحفز كل من يريد الاعتراض على القرارات، خاصة الفئوية منها، على المغالاه فى الإعتراض.
خامسا: الاستقطاب: تعيش مصر حالة استقطاب شديدة ولذلك فمن الطبيعى ان نجد المعارضة تقف امام مثل هذه الاصلاحات الاقتصادية، خاصة انها تمثل خيارات استراتيجية مرتبطة بتوجه الدولة.
إذا نظرنا الى هذه الأسباب، نجد هناك احتمالية لتكرار مشهد 1977 مجددا. لذلك فإنه يجب على الحكومة التخطيط بدقة قبل الإقدام على هذة الاصلاحات الاقتصادية عن طريق:
١- إشراك طوائف وفئات المجتمع المختلفة فى هذه الاصلاحات.
٢- تبنى سياسة تواصل أكثر شفافية ووضوح.
٣- إطلاق مبادرات لإعادة توزيع الدخل ورفع العبء عن الفئات الاكثر فقراً قبل إعادة هيكلة  الدعم.
٤- توفير كميات كبيرة من المنتجات فى الاسواق لطمأنة الشعب وأنه لا يوجد حاجة للتخزين.
هذه المبادرات وغيرها ستساعد على تقليل احتمالية تكرار سيناريو 1977، لذلك قفد وجب علينا التنبيه والنصح لتفادى تكرار ما لا نتمنى حدوثه.

عمر الشنيطي




١١-نوفمبر- ٢٠١٢







No comments:

Post a Comment