Sunday, January 6, 2013

ماذا يحدث لسعر صرف الدولار؟

مما لا شك فيه ان الحديث عن سعر صرف الدولار أمام الجنية هو حديث الساعة حيث تتناثر الشائعات عن توقعات بانهيار الجنية أمام الدولار.

كيف يتم تحديد سعر الصرف؟!
يتم تحديد سعر الصرف من خلال "سوق العملة" والذى يعمل كأى سوق حيث يخضع لقوى العرض والطلب، فكلما زاد الطلب على الدولار، يفترض ان يرتفع سعر صرف الدولار. ولكن لأهمية سعر الصرف في الحياة الاقتصادية، يتدخل البنك المركزى فى السوق حتى يحافظ على استقراره. وينتهج البنك المركزى سياسة "التعويم المُدار"، أى انه يترك السوق لقوى العرض والطلب ولكن يتدخل لإحداث توازن بين العرض الطلب. فإذا زاد الطلب على الدولار مقابل المعروض، يقوم البنك المركزى بزيادة المعروض من الدولار فى السوق مستخدماً فى ذلك احتياطى النقد الأجنبى لإحداث ذلك التوازن. حيث يسعى بهذه السياسة الى ان يوازن بين هدفين:
الأول: استهداف التضخم، فكلما زاد سعر صرف الدولار، زادت اسعار الواردات وبذلك يزيد متوسط اسعار السلع فى الاسواق.
الثانى: استهداف التنافسية، فكلما زاد سعر صرف الدولار، قلت أسعار الصادرات المصرية للخارج وبذلك يزيد الطلب عليها.
يتضح من ذلك ان الهدفين عكس بعض. ولذلك يهدف البنك المركزى الى التوازن فى تحقيق الهدفين.

ماذا حدث مؤخراً لسعر الصرف؟!
منذ الثورة، والاقتصاد المصرى يعانى من تباطؤ فى النمو وازدياد فى عجز الموازنة  والميزان التجارى مما جعل سعر العملة المتداول آنذاك (حوالى 6 جنية للدولار) يعتبر أعلى من قيمة الجنية الحقيقية. فموارد الدولاركالسياحة والاستثمارات الاجنبية انخفضت مما أدى الى عدم وجود توازن بين العرض والطلب على الدولار. فقام البنك المركزى بزيادة المعروض من الدولار فى سوق العملة باستخدام احتياطى النقد الاجنبى لإحداث توازن حتى وصل احتياطى النقد الاجنبى الآن الى حوالى 15 مليار دولار وهو مستوى حرج لأنه بالكاد يوفر احتياجات مصر من الواردات لمدة 3 أشهر. أدى ذلك الى زيادة ظاهرة "الدولرة" وبالتالى أصبحت الفجوة بين العرض والطلب على الدولار أكبر من ان يستطيع البنك المركزى ان يسدها بطريقته التقليدية. فاتخذ البنك المركزى بعض الاجراءات لتقليل حركة الدولار خارج البنوك و ادارتها عن طريق العطاءت لكى يستطيع التحكم فى الفجوة دون حدوث انهيار سريع فى سعر صرف الجنية.

ماذا سيحدث للدولار فى الفترة المقبلة وما هي آثار المتوقعة؟!
بعد الاجراءات الجديدة، يتوقع ان يتحرك سعر الصرف فى الاسابيع القادمة مجدداً بإرتفاع سعر صرف الدولار بعض الشيء، حتى يصبح فى مستوى ما يعتبره الخبراء كقيمة عادلة لسعر صرف الدولار امام الجنية (حوالى ٧ جنية للدولار)، عند هذا المستوى سيبدأ سعر الصرف بالثبات و ربما الإنخفاض بعد ذلك. سيؤدى ذلك الى ارتفاع احتياطى النقد الاجنبى مرة أخرى كما سيدفع ذلك بالكثير من الاستثمارات الاجنبية للسوق.
إرتفاع سعر صرف الدولار ايضا سيؤدى الى زيادة تنافسية الصادرات وبالتالى زيادتها. ولكن ذلك سيأتى على حساب زيادة قيمة الواردات و ارتفاع عجز الموازنة الحكومية بسبب زيادة تكلفة الدعم. كما يُتوقع ان يؤدى ذلك الى زيادة الاسعار فى السوق المحلية وبالتالى ارتفاع معدل التضخم. ولكن زيادة التضخم لن تكون كبيرة لأن أغلب المستوردين كانوا يتوقعون انخفاض الجنية وبالتالى تم أخذه فى الاعتبار فى التسعير مسبقا،ً لذلك فالاثار الناتجة عن الانخفاض المحدود هى آثار يمكن السيطرة عليها ولها الكثير من الايجابيات.

فى النهاية، ما حدث لسعر الصرف وانخفاض الاحتياطى الاجنبى هو ثمن الفترة الانتقالية وعدم الاستقرار السياسى وما يحدث الان من تخفيض هو امر طبيعى بل وجاء متأخراً، ولكن يتوقع ان ينخفض سعر الصرف فى الاسابيع القليلة بعض الشئ ثم يستقر عند سعر صرف يمثل القيمة الحقيقية للجنية.

عمر الشنيطي
٦-يناير- ٢٠١٣
نُشر هذا المقال فى "جريدة الوطن"

No comments:

Post a Comment