Sunday, January 20, 2013

الصكوك: هل تجلب المليارات؟

كثر الحديث مؤخراً عن الصكوك، التي طرحها الإسلاميون كأداة مقترحة لتمويل المشروعات التنموية الكبيرة.

ولكن ما هي الصكوك بالتحديد؟
كما ورد في مسودة القانون المقترح "الصكوك هي أوراق مالية اسمية متساوية القيمة، تمثل كل منها حصة شائعة في ملكية أصول أو منافع أو خدمات أو في مشروع معين، وفق لما تحدده نشرة الاكتتاب العام أو مذكرة المعلومات بحسب الأحوال وبمراعاة الشريعة الإسلامية ".
وعلى الرغم من وجود العديد من أنواع الصكوك إلا أن الأكثر شيوعاً هي:
١) صكوك "الإجارة" :يقوم الممولين بشراء أصل ثم تأجيره لطالب التمويل لفترة زمنية بقيمة محددة.
٢) صكوك "المضاربة": يقوم الممولين بتمويل مشروع بعينه مقابل حصة (نسبة) من الأرباح لفترة زمنية محددة.
٣) صكوك "المرابحة": يقوم الممولين بشراء أصل أو منتج ثم بيعه لطالب التمويل مقابل سعر أعلى مدفوع على أقساط محددة.
٤) صكوك "الاستصناع": يقوم الممولين بتمويل عملية بناء أصل ثابت بناء على رغبة طالب التمويل مقابل ثمن أعلى يدفع لاحقاً.
ويستحوذ القطاع الحكومي على نصيب الأسد من هذه الإصدارات، حيث تستخدم الحكومات إيرادات الصكوك لتمويل المشروعات العملاقة كبناء وتوسعة الموانئ والمطارات.

ولكن ما الفارق بين السندات والصكوك؟
السندات الحكومية تقضي باصدار مالية تقوم بمقتضاها الحكومة بجمع الأموال مقابل وعد برد أصل المبلغ بعد فترة زمنية محددة ودفع فوائد محددة. ويعتبر السند مديونية على الدولة الحكومة ولكن تعطي للحكومة الحق في استخدام الأموال في سد عجز الموازنة أو تمويل مشروعات أو غيرها. وبما أن السندات تمنح حامليها عوائد محددة دون مخاطرة أو الدخول في عمليات بيع وشراء فهي تعتبر مخالفة لأحكام الشريعة الاسلامية.

أما الصكوك فهي أداة مالية تستطيع من خلالها الحكومة جمع الأموال ولكن للصرف في مشروعات محددة، وينطوي ذلك على مشاركة الممولين في الربح والخسارة كالمضاربة أو الإجارة، أو الدخول في عمليات بيع وشراء وتطوير كالإستصناع والمرابحة، و لذلك تُعتبر موافقة لأحكام الشريعة الإسلامية. أيضاً بسبب هذه الطبيعة فإن الصكوك عادة لا تعتبر مديونية على الدولة.

الأهم: هل الصكوك مفيدة؟ وهل تجلب المليارات؟
أولاُ: استحداث أدوات مالية جديدة هي دائماً علامة إيجابية حيث يساعد ذلك على تنشيط سوق الأوراق المالية.
ثانياً: بسبب طبيعتها، هذه الصكوك قد تساعد على تنشيط الاستثمار خاصة في المشروعات الكبيرة.
ثالثاً: بما أنها موافقة لأحكام الشريعة الإسلامية، فهذه الصكوك ستفتح الباب أمام كثير من المؤسسات المحلية والإقليمية والتي سترى في هذه الصكوك فرصة استثمارية جيدة وكذلك متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.

ولكن إذا نظرنا للأرقام، نجد أن إجمالي سوق الصكوك العالمي بلغ ٣٠٠ مليار دولار بنهاية ٢٠١٢، أصدرت ماليزيا ثلثي هذا الرقم والباقي أغلبيته صدر في الخليج. وتتوقع التقارير زيادة سوق الصكوك إلى ٩٠٠ مليار دولار بنهاية ٢٠١٧. و قد تصل حصة مصر إلى حوالي ١٠-١٥٪ من السوق أي ١٠٠ إلى ١٥٠ مليار دولار بنهاية ٢٠١٧، أي بمتوسط ٢٠ إلى ٣٠ مليار دولار سنوياً.
هذه الأرقام قد تكون بداية جيدة إذا تم استغلال واردتها في تمويل مشروعات تنموية كبيرة تعمل على انعاش السوق وخلق فرص عمل بدلاً من محاولة إعادة تمويل عجز الموازنة. كما يفضل إصدارها كصكوك إجارة ومضاربة، لتأكيد مبدأ المشاركة في الربح والخسارة وتقليل الضغط على مديونية الدولة. بالإضافة لذلك على الدولة أن تسعى لتسويق هذه الصكوك خارجيا للمؤسسات الإقليمية والعالمية والمصريين بالخارج لزيادة  السيولة في السوق.

في النهاية، الصكوك أداة مالية تختلف بعض الشئ عن السندات، وقد يكون لها الكثير من الآثار الإيجابية على الاقتصاد، لكن لا ينبغي تضخيم  حجمها أو أثرها.

عمر الشنيطي
٢٠-يناير-٢٠١٣
نُشر هذا المقال فى "جريدة الوطن"

No comments:

Post a Comment