Friday, December 25, 2015

التحالف الإسلامى والدعم الاقتصادى

عد عامين من الآمال الاقتصادية العريضة، سادت حالة من الرؤية السلبية على الاقتصاد الذى بدا فى وضع حرج فى الأشهر القليلة الماضية مع الحديث الدائم عن أزمة الدولار وما صاحب ذلك من تخفيض فعلى للجنيه ثم رفعه سريعا بعد ذلك. هذا الاضطراب فى سوق العملة كان له أثره على الواردات والصادرات على حد سواء مما انعكس على معدلات الإنتاج والتصنيع المحلى. كما شهدت الفترة الأخيرة موجة من ارتفاع الأسعار أصبح من الصعب إنكارها مما دفع الدولة بمؤسساتها المختلفة للتحرك وإنقاذ الوضع. 

كان للدعم الخليجى بعد ٣٠ يونيو دور كبير فى تحسين الاقتصاد لكنه تراجع خلال ٢٠١٥ بسبب انخفاض أسعار البترول ووجود خلافات واضحة بين السياسة السعودية والمصرية مما عقد الوضع الاقتصادى الداخلى حتى تعالت أصوات الشكوى من ضيق الحال. وفى ظل تلك المعطيات، أصبح جليا أن على الحكومة أن تنمى مواردها من استثمارات أجنبية وسياحية لكن وضع المنطقة الملتهب وحادثة الطائرة الروسية أنهيا ذلك التصور مما دفع الحكومة للجوء للمؤسسات المالية العالمية مثل البنك الدولى والبنوك التنموية، وهو ما يتطلب تطبيق إصلاحات اقتصادية صارمة قد يكون لها تكلفة اجتماعية وربما سياسية كبيرة.

لم تكن هناك خيارات أخرى فى ظل التوقعات بأن تشهد ٢٠١٦ وضعا اقتصاديا حرجا. لكن المفاجئ أن الحكومة أخذت بعين الاعتبار الوضع الاجتماعى الملتهب فجاء الإعلان عن العديد من المبادرات للسيطرة على الأسعار، كما انتهج البنك المركزى سياسة واضحة للدفاع عن الجنيه. بدا ٢٠١٦ عام المقاربات والخيارات الصعبة لتحقيق معدلات نمو متواضعة مع الحفاظ على مستويات الأسعار مما يحد من التدهور السريع فى الاقتصاد.

وبينما يتأهب الجميع لعام اقتصادى صعب، تم الإعلان عن التحالف الإسلامى الذى تقوده السعودية، ويشمل ٣٤ دولة أخرى لمحاربة الإرهاب. وأعلنت السعودية انضمام مصر للتحالف مع التنويه عن دور استراتيجى لمصر فى التحالف. فبدا واضحا وجود تقارب مرة أخرى بين الموقف المصرى والسعودى إزاء قضايا المنطقة بما فيها سوريا. ومع انضمام مصر، تم الإعلان عن دعم اقتصادى سعودى كبير لمصر يشمل شحنات مواد بترولية لمدة ٥ سنوات وزيادة الاستثمارات السعودية لتصل إلى ٨ مليارات دولار، وكذلك شراء سندات حكومية لتمويل عجز الموازنة المصرية.

وعلى الرغم من عدم وضوح حجم الدعم هذه المرة وجدوله الزمنى وشكل الاستثمارات المرصودة فإن ذلك الدعم يظل كبيرا بما يكفى لتحسين الوضع الاقتصادى على المدى القصير وسيوفر عملة صعبة تحد من الضغط على الجنيه. تلك الآثار الإيجابية كفيلة بتغيير الرؤية السلبية الحادة التى سادت أخيرا تجاه الاقتصاد. ومما لا شك فيه أن ذلك الدعم سيعطى فرصة لتأخير بعض القرارات الحرجة مثل رفع دعم الطاقة أو تخفيض الجنيه وغيرها من القرارات، التى قد تكون ضرورية اقتصاديا لكن حرجة اجتماعيا وسياسيا.

على الرغم من إيجابيات الدعم السعودى فإنه يفتح الباب لعدة تساؤلات مهمة:
الأول: تزامن الإعلان عن انضمام مصر للتحالف مع الإعلان عن الدعم السعودى لمصر يجعل من الصعب فصل الحدثين عن بعضهما البعض لكن ليس واضحا حتى الآن دور مصر فى ذلك التحالف وتكلفة ذلك الاقتصادية والسياسية، وكذلك انعكاس ذلك على الوضع الأمنى والأعمال الإرهابية، التى قد تنتج عن ذلك انتقاما من الدور المصرى فى التحالف. 
الثانى: على الرغم من ضبابية بعض بنود الدعم السعودى فإن حجم ذلك الدعم ليس قليلاً، وهو ما يضع علامات استفهام حول قدرة السعودية على الوفاء به فى ظل عجز موازنة السعودية التى تخطت ١٠٠ مليار دولار فى العام الحالى، وهو ما سيزداد مع انخفاض أسعار البترول دون ٤٠ دولارا للبرميل أخيرا. كما أن تأزم الوضع الاقتصادى فى السعودية يجعل استدامة تلك النوعية من الدعم فرضية غير واقعية على المدى المتوسط.
الثالث: التحالف الإسلامى يشمل دولاً عدة منها دول الخليج مما يجعل من المنطقى التساؤل عما إذا كان الدعم، الذى ستتلقاه مصر سيأتى فقط من السعودية أم أنه ستكون هناك موجات لاحقة من دول خليجية أخرى. 
الرابع: مصر ليست حديثة عهد بالدعم الخارجى. فقد كان للدعم الخليجى بعد ٣٠ يونيو مفعول السحر فى انتشال الاقتصاد من أزمة طاحنة لكن ذلك الدعم السخى لم يقم بحل أمراض الاقتصاد المزمنة لكن كان كالمسكن الذى ذهب أثره بعد فترة لنعود للشكوى مرة أخرى. الدعم السعودى هذه المرة على الأرجح سيكون أقل من الدعم الخليجى السابق مما يقلل من قدرة ذلك الدعم على إحداث طفرة نوعية فى الاقتصاد. 
الخامس: ذهبت عشرات المليارات من الدولارات من الدعم الذى تلقته مصر المرة الماضية لسد عجز الموازنة، وليس للاستثمار فى مشروعات مستدامة تحرك عجلة الاقتصاد بشكل مستمر. ولذلك لا يظهر أثرا كبيرا لها الآن. والدعم السعودى فى صورة شراء سندات خزانة وتوفير مواد بترولية مهم جدا لكن يصب فى نفس الطريق بينما يظل الأمل أن تساهم الاستثمارات المرصودة فى تغيير ذلك النهج. 
السادس: تؤجل الدولة العديد من القرارات الحرجة مثل رفع الدعم وتخفيض الجنيه لأسباب اجتماعية وكذلك تعتمد على الحكومة والمؤسسة العسكرية فى إطلاق وتنفيذ مشروعات قومية عملاقة لدفع عجلة الاقتصاد لكن العام الماضى أثبت أن تلك السياسة لا تستطيع وحدها دفع الاقتصاد بشكل مستدام. وهنا يكمن السؤال المنطقى عما إذا كانت الحكومة ستعى الدرس وتشرع فى استخدام الاستثمارات لتشجيع القطاع الخاص أم أن الاستثمارات السعودية الجديدة ستكون بالشراكة مع الدولة ومؤسساتها السيادية على حساب خفوت نجم القطاع الخاص المحلى.
الدعم الاقتصادى السعودى، والذى تزامن مع إطلاق التحالف الإسلامى، لم يكن متوقعا لكنه طوق النجاة للاقتصاد المصرى على المدى القصير مما يجعل النظرة للوضع الاقتصادى فى ٢٠١٦ أفضل بعض الشىء من الصورة السلبية، التى سادت قبل الإعلان عن هذا الدعم لكن ستظل هناك تساؤلات حول استدامة ذلك الدعم وطريقة الحكومة فى التعامل معه.


عمر الشنيطى
25 - ديسمبر- 2015
نُشر هذا المقال فى "جريدة الشروق"

Sunday, December 13, 2015

اليوان الصينى يتقدم للأمام

لحديث عن الطفرة الاقتصادية التى شهدتها الصين، كان السمة الأبرز على الصعيد الاقتصادى العالمى فى السنوات الأخيرة. وعلى الرغم من معدلات النمو المرتفعة وحجم الصادرات الكبير الذى حول الصين لمصنع العالم إلا أن العملة الصينية «اليوان»، لم يكن لها نفس حظ الدولار أو اليورو فى المعاملات العالمية. لكن هذا الوضع فى طريقه للتغير بعد أن أقر صندوق النقد الدولى أخيرا ضم «اليوان» لسلة العملات العالمية التى تحدد قيمة حقوق السحب الخاصة وتلك خطوة كبيرة لليوان والصين بشكل عام.


وقام صندوق النقد الدولى، باستحداث حقوق السحب الخاصة فى ١٩٦٩ كمكمل للأصول الرسمية الخاصة بالبلدان الأعضاء فى الصندوق. ويتم تحديد قيمة حقوق السحب الخاصة بناء على سلة عملات تشمل الدولار الأمريكى واليورو والين اليابانى والجنيه الإسترلينى، وتم الإعلان عن إضافة اليوان الصينى بداية من أكتوبر ٢٠١٦. حقوق السحب الخاصة لا تعتبر عملة عادية يمكن استخدامها من قبل الشركات والأفراد، لكن يستخدمها صندوق النقد كعملة افتراضية أو وحدة قياس فى معاملاته مع الدول الأعضاء. وبلغ إجمالى حقوق السحب الخاصة المصدرة ٢٠٤ مليارات، وهو ما يعادل ٢٨٠ مليار دولار موزعة على أعضاء الصندوق.
وكان الاقتصاد الصينى قد شهد طفرة كبيرة فى العقود الأخيرة، كانت محط اهتمام العالم، حيث حافظ الاقتصاد الصينى على معدلات نمو غير مسبوقة لفترة طويلة. الملفت للنظر هو قدرة الصين الكبيرة على تصدير مختلف المنتجات، سواء البسيطة أو المتقدمة لشتى دول العالم، حتى أصبح أغلب ما نشتريه من منتجات صنعت فى الصين. وتلك المنتجات تطورت من منتجات مقلدة رديئة لمنتجات متقدمة عالية الجودة، حتى إن الكثير من الشركات الأمريكية والأوروبية نقلت مصانعها للصين.

ولعل الصادرات الصينية هى السبب الرئيسى وراء ضم اليوان، حيث يحدد صندوق النقد شرطين أساسيين لضم العملات لتلك السلة المرموقة. الشرط الأول هو حجم صادرات البلد المصدرة للعملة، حيث من الضرورى أن يكون حجم صادرات البلد كبيرا بما يكفى ليعكس أهمية تلك البلد فى الاقتصاد العالمى. 

وتحتل الصين المركز الثالث عالميا من حيث حجم الصادرات فى السنوات الخمسة الأخيرة. الجدير بالذكر، أن الصين تحتل المركز الثانى عالميا من حيث حجم الاقتصاد، إلا أن ذلك لا يساهم كثيرا فى ضم اليوان لسلة العملات المرموقة، التى تهتم بحجم الاقتصاد والتبادل التجارى مع الاقتصاد العالمى فى المقام الأول.

أما الشرط الثانى فهو أن تكون العملة قابلة للاستخدام الحر، وهو ما يتطلب الاستخدام الواسع للعملة لتسوية المعاملات التجارية الدولية ليس فقط بين تلك الدولة وشركائها التجاريين، ولكن أيضا بين مختلف دول العالم بعضها البعض، وكذلك انتشار استخدام تلك العملة فى البورصات وأسواق المال العالمية المختلفة. الاستخدام الحر للعملة، يعكس ثقة العالم فى تلك العملة وموافقتهم على التعامل بها فى المعاملات المالية المختلفة، مما يسمح للدول الأعضاء فى صندوق النقد التعامل باستخدام حقوق السحب الخاصة أو تحويلها بسلاسة لأى من العملات الرئيسية فى سلة العملات المرموقة.

الجدير بالذكر، أن ٣٨ بنكا مركزيا حول العالم يستخدمون اليوان كأحد أصول احتياطى النقد الأجنبى الخاص بهم، مما يجعلها عملة عالمية. التقدم الكبير الذى أحرزته الصين من حيث حجم الصادرات واتساع استخدام اليوان عالميا جعلا اليوان مؤهلا للانضمام لسلة عملات حقوق السحب الخاصة. وبناء على تشكيل السلة الجديد، سيمثل الدولار ٤٢٪ واليورو ٣١٪، بينما اليوان المنضم حديثا ١١٪، أما الين والإسترلينى فسيمثل كلا منهما ٨٪ من وزن السلة.

لكن هذه الخطوة الكبيرة للصين لم تمر بدون العديد من التحفظات الغربية. فمن ناحية، البنك المركزى الصينى يتحكم فى سعر صرف اليوان ولا يتركه يتغير بمرونة مع قوى العرض والطلب فى السوق. ولعل ذلك كان سر الخلاف مع أمريكا التى دائما ما تتهم الصين بشن حرب عملات بخفض قيمة اليوان مقابل العملات الأجنبية لزيادة الصادرات الصينية مع مطالبة أمريكا الدائمة للصين برفع قيمة اليوان. وهذا التحفظ قد تزايد مع قيام الصين الصيف الماضى بخفض قيمة اليوان أمام العملات الأجنبية على غير المتوقع لتشجيع الصادرات الصينية وتنشيط الاقتصاد، وهو ما دفع لموجة من التخفيض فى عملات الأسواق الناشئة.

على نفس الصعيد، فإن البنك المركزى الصينى يضع العديد من العوائق أمام تحويل العملة الأجنبية خارج الصين، وهو تحفظ دائم للمستثمرين الأجانب فى الصين، وزاد هذا التحفظ بطبيعة الحال بعد أزمة البورصة الصيف الماضى، وما عقبها من عراقيل للتحويلات. بعيدا عن إجراءات البنك المركزى الصينى الجدلية، فإن اليوان يواجه تحديا حقيقيا وهو قلة حجم السندات المصدرة والمتداولة باليوان والتى تبلغ نحو ١٫٤٪ فقط من السندات المتداولة عالميا وتلك نسبة متدنية مقارنة بالدولار الأمريكى. 

لكن تلك التحفظات مردود عليها إلى حد كبير. فالين اليابانى والجنيه الإسترلينى كانتا ضمن سلة عملات حقوق السحب الخاصة فى فترات كانت تلك العملات تدار من قبل بنوكها المركزية ولم يكن سعر صرفها متروكا تماما للسوق. كما أن تلك الدول كانت تضع عوائق لحركة رءوس الأموال الأجنبية، لكن ذلك لم يمنع عملاتها من أن تكون قابلة للاستخدام الحر وتنال ثقة أسواق المال العالمية. كما أن ضآلة حجم السندات المتداولة باليوان، قد تكون نتيجة وليس سببا لعدم اعتماد اليوان كعملة عالمية سابقا وأن ذلك الوضع سيتغير تدريجيا فى الفترة القادمة مع انضمام اليوان لمصاف العملات المرموقة، مما سيساعد الصين على إصدار المزيد من السندات باليوان ويشجع بالتبعية العديد من الدول على إصدار سندات أجنبية باليوان، وكذلك الاستثمار فى سندات باليوان كجزء من احتياطى النقد الأجنبى.

قرار صندوق النقد بضم اليوان لسلة عملات حقوق السحب الخاصة، خطوة كبيرة للصين وتتويج لجهود إصلاح اقتصادها وسيظل أمام الصين طريق طويل لإثبات أن اليوان عملة عالمية يمكن التعامل بها بسلاسة وأمان، مثل الدولار واليورو، لكن مما لا شك فيه أن تلك الخطوة ستفتح بابا للصين والعديد من شركائها التجاريين كمصر للاعتماد على اليوان بشكل أكبر.


عمر الشنيطى


11 - ديسمبر- 2015
نُشر هذا المقال فى "جريدة الشروق"

Wednesday, December 9, 2015

New Suez Canal: A hostage of the global economy

The Suez Canal is one of the most important global waterways, with a tenth of the world’s trade passing through it. For Egyptians, the importance of the Suez Canal extends far beyond the thousands of Egyptians who died while digging it 150 years ago. Most Egyptians feel proud when they remember Gamal Abdel-Nasser nationalising the canal in the 1950s to use its proceeds to finance the High Dam in Aswan.

The revenues of the Suez Canal, despite being a strategic national asset, for decades have been too small when compared to its strategic importance. Revenues at best reached little more than $5 billion. For years, experts have been talking about developing the Suez Canal area with master plans proposed to create an added value for the traffic passing, but nothing materialised, at least until recently.

Last year, the Suez Canal region became the focal point of economic development strategy in the country. With the launch of a major development project in the area, people expected it to be for the development of the axis around the canal. They were surprised to find that the development will be directed towards the canal itself, with the widening and deepening of the current waterway, digging a new parallel canal as well as digging a few tunnels under the canal.

The development project, branded the “New Suez Canal”, received huge media coverage as a national project, and LE64 billion worth of investment certificates were raised from the public to finance it. There were still, however, many question about the viability of the mega-ventures from various experts, although the general public was happy to see national projects launched.

Looking at the project from an objective lens, the widening and deepening part looked straightforward: the canal needed to accommodate larger ships, which are becoming the trend in the shipping industry.

Still, digging a new waterway seemed like a very questionable venture. It was supposed to raise the capacity of the canal but the old capacity was not fully used. Saving passing time was an expected outcome, which is definitely positive, but its incremental return is not significant.

Digging tunnels was meant to allow for the smooth flow of people and goods to and from Sinai. It is definitely a positive and will increase local trade as well as development of the Sinai. But digging such tunnels is a long-term infrastructure project.

As such, going for nine tunnels in the short or even medium term is questionable, especially at a time of scarce financing and a huge backlog of delayed investment projects across the country.

With the launch of the new canal, reality turned too far from expectations, simply because of the latest dynamics in the global economy. The coincidence of recession in Europe with the economic slowdown in China has resulted in decreased global trade growth, which was reflected in decreased traffic going through the Suez Canal and, accordingly, lower revenues, against all official expectations. Revenues dropped by more than 20 per cent in last fiscal year.

Traffic is dependent on global trade, which has fluctuated over the last decade, growing at around eight per cent during 2004-2007, then declining by more than a tenth during 2008-2009 as a result of the financial crisis, then recovering its losses in 2010-2011.

After that, it maintained a slow growth rate of between two and three per cent during 2012-2014, before declining in 2015. Such developments have been directly reflected in the fluctuation of Suez Canal revenues.

With the current negative trade growth outlook, Suez Canal revenues are not expected to live up to official estimates and will probably stay lower than 2013-2014 levels for the coming couple of years, before global trade picks up again.

The decrease in dollar revenues is definitely bad news for the Central Bank. After deducting interest expenses on the certificates, the net cash going to the government will witness a considerable decline in the short term.

The Suez Canal Authority shouldn’t have a problem covering interest expenses and, later on, refinancing the certificates when they mature by issuing new certificates. Hopefully, in a few years, global trade will recover and revenues will rebound to repay the cost of the expansion project, but this will take quite a long time to happen. In addition, the return on the tunnels will take years if not decades to materialise given that tunnels are long-term infrastructure investments.

Despite the disappointing results of the New Suez Canal, the government proceeded with the development of the Suez Canal axis with the launch of the development of the East Port Said area. This includes digging a new waterway connecting the port there with the Mediterranean, and establishing a few industrial zones and new residential extensions to Port Said and Ismailia cities. A few highways will also be established to connect the area with the national road network.

Developing the Suez Canal axis is overdue. The area was neglected for decades, without serious development despite its great potential. The launch of such a development project after disappointing results so far from the New Suez Canal highlights the determination of the government to develop the area and turn it into a key driver for economic development in the country.

In contrast to the New Suez Canal, the development of East Port Said is limited in cost. The new waterway has been on the table for years as it connects the port to the Mediterranean, thus easing access to the port without the need for ships to go through the Suez Canal, which should reflect positively on competitiveness of the port and its revenues.

However, it is unclear how much the new waterway will cost and how this cost will be allocated between the Egyptian government and port operator.

The development of East Port Said should revive the area. Yet like any infrastructure project, its returns are long term by nature. The development of this phase is not as costly as the New Suez Canal that was launched last year, while its long-term sustainable returns could be much higher.

From an economic standpoint, the development of the axis, including projects like East Port Said, should have taken priority over digging the New Suez Canal.

Despite such huge potential, the materialisation of these results depends heavily on foreign investments. The new industrial zones are expected to attract foreign investors and companies to establish plants and global logistics centres in the area, which would lead to hiring people that move with their families to live in the new residential areas. As a result, the new road connections will be used to move people and goods across the country.

Foreign companies should be interested in being present in such a strategic axis but probably not in the short term. The negative global economic outlook means that companies will shy away from making big investments.

The turbulent political and security situation regionally will also mean that investors follow a “wait and see” approach. So again, the development of the Suez Canal area has fallen hostage to the global economy, which doesn’t seem favourable in the short term.

Bottom line: the development of the Suez Canal is an indisputable gain and was long overdue, but its returns depend heavily on the state of the global economy. The results of the New Suez Canal have been so far disappointing because of the slowdown in global trade.

The launch of axis development seems like a step in the right direction, but its results will take several years to materialise, given the slowdown in the global economy. This will delay the flow of foreign investment needed to develop the area and achieve the expected results. So we had better manage our expectations.


Omar El-Shenety
9 December 2015 
This article was published in "Al Ahram Weekly"

Tuesday, December 1, 2015

التعايش مع العزلة الاقتصادية

شهد الاقتصاد المصرى عامين ونصف العام من الركود بداية من ٢٠١١ بسبب الاضطرابات السياسية والتى دفعت الكثير من المستثمرين لتقليص استثماراتهم وعدم التوسع فيها حتى استقرار الأوضاع. بعد ٣٠ يونيو، بدا أن الاقتصاد سيتعافى سريعا معتمدا على الدعم الخارجى، حيث تلقى الاقتصاد ما يزيد على ٢٠ مليار دولار من المساعدات والمنح الخليجية فى المرحلة الانتقالية التى تلت ٣٠ يونيو.
مع انتهاء المرحلة الانتقالية، كان من المفترض أن يتحول الدعم الخارجى من منح خليجية إلى استثمارات خليجية وأجنبية على حد سواء بناء على خطة الحكومة، والتى كانت ترمى لجذب تدفقات خارجية لدفع معدلات النمو وخلق فرص عمل. بدت هذه الخطة حينها مثالية إلى حد كبير؛ فخزائن الخليج كانت مفتوحة على مصراعيها والصورة السياسية فى مصر كانت فى طريقها للإكتمال مما كان يوحى بأن تدفق الاستثمارات لن يكون مستحيلاً، وإن اختلفت التوقعات حول حجم تلك الاستثمارات وتوقيتها.
ولجذب تلك الاستثمارات، تم عقد مؤتمر شرم الشيخ مطلع العام والذى خرج فى صورة رائعة وكانت له مكاسب سياسية لكن المكاسب الاقتصادية للمؤتمر تم تضخيمها إعلاميا بالحديث عن عشرات المليارات من الدولارات كاستثمارات، وتلك الأرقام لم تكن واقعية. على الرغم من التضخيم فإنه كانت هناك فرصة حقيقة لجذب استثمارات تستطيع دفع الاقتصاد. لكن العديد من الأحداث غيرت المشهد فى الأشهر الأخيرة. فثروات الخليج المتراكمة بدأت فى التآكل مع الانخفاض الحاد فى أسعار البترول والذى يبدو أنه سيستمر لفترة. كما أن حرب اليمن أثقلت ميزانيات دول الخليج خاصة السعودية مما أدى إلى تراجع الدعم الخليجى.
ومع تراجع الدعم الخليجى، برز الدور المحتمل للشركات الأوروبية، والتى كانت تمثل قرابة ٨٠٪ من الاستثمارات الأجنبية قبل ٢٠١١ لكن الواقع أن أوروبا لا تزال تعانى من أزمة اقتصادية منذ الأزمة المالية العالمية فى ٢٠٠٨ بل إن الوضع قد تفاقم مع تصاعد أزمة الديون اليونانية. مع تقلص الدور الغربى، زادت أهمية روسيا والصين. لكن روسيا أصابها فيروس انخفاض أسعار البترول وأقعدها عن دعم الاقتصاد المصرى، أما الصين، والتى كانت تخطط للعب دور اقتصادى عالمى تعرضت لأزمة اقتصادية أدت إلى تراجع معدلات نمو الاقتصاد والصادرات.
تراجع مصادر الاستثمارات الأجنبية لم يكن أمرا جيدا لكن ما زاد الأمر سوءا هو تزامن ذلك مع العديد من التطورات السلبية حيث أدى تزامن الركود فى أوروبا والصين فى آن واحد إلى تراجع معدلات التجارة العالمية مما كان له أثرا سلبيا على تراجع إيرادات قناة السويس على الرغم من مشروع قناة السويس الجديدة والذى كان من المفترض أن يؤدى لزيادة الايرادات وإن كان حجم الزيادة محل جدل منذ إطلاق المشروع. وبينما يحدث كل ذلك، اتجهت الأنظار لقطاع السياحة كمصدر للعملة الصعبة وفرص العمل خاصة بعد أن أظهر القطاع تحسنا كبيرا خلال العام الماضى لكن مرة أخرى تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن ويأتى سقوط الطائرة الروسية كضربة قاصمة لهذا القطاع.
مصر ليست حديثة عهد بالإرهاب حيث شهدت أحداث عديدة خلال العقود الأخيرة قد يكون من أبرزها مجزرة الأقصر فى أواخر التسعينيات لكن هذه المرة قد تكون مختلفة بسبب الضجة الإعلامية، التى صاحبت الحادث عالميا والتأكيد دوليا على تفجير الطائرة مما دفع روسيا، مصدر السياحة الأول لمصر، لإجلاء السياح الروس وحذوت إنجلترا حذوها. ردود الأفعال إمتدت لتشمل توقف الطيران الروسى لمصر والعكس، كما اتخذت العديد من شركات الطيران إجراءات جديدة فى التعامل مع رحلات السفر من مصر. إضافة إلى ذلك، وضعت السلطات الأمريكية شروطا صعبة لشحن المنتجات المصرية جوا مما يؤثر على الصادرات المصرية وقدرتها على النمو.
تراجع الاستثمارات الأجنبية وإيرادات القناة والسياحة وكذلك القيود على الصادرات تدخل الاقتصاد المصرى فى حالة من العزلة النسبية عن باقى العالم. العزلة الاقتصادية ليست خبرا جيدا خاصة فى ظل حاجة الاقتصاد لتدفقات خارجية لكن من ناحية أخرى تلك العزلة ليست نهاية العالم لو تم إدراك الوضع والتعامل معه بحكمة. الجيد فى هذا الصدد أن بعض التوجهات الاقتصادية أخيرا توحى ببوادر لإدراك الوضع. ويبرز فى ذلك السياق التوجه العام للدفاع عن الجنيه برفع سعر الفائدة على ودائع الجنيه لتشجيع المدخرين على التنازل عن الدولار وكذلك زيادة سعر الجنيه أمام الدولار بعد أن أصبح جليا أن تخفيض الجنيه لن يؤدى لجذب الاستثمارات الأجنبية المتراجعة لأسباب سياسية وأمنية فى الأساس.
على الرغم من ذلك، قد يلجأ البنك المركزى لتخفيض الجنيه فى المستقبل لكن حينما يتضح أن ذلك سيؤدى فعلاً لجذب استثمارات أجنبية. يمكن أيضا النظر لتركيز الحكومة على قضية محاربة التضخم من خلال مبادارات وزارة التموين والمؤسسة العسكرية على أنه إدراك أن مشكلة التضخم أصبحت لا تطاق وأن الناس كان يمكن أن تتحمل التضخم لو وجدوا تحسنا ملموسا من فرص عمل وزيادة رواتب لكن بما أن ذلك غير متاح على المدى القصير وربما المتوسط، فمن الضرورى السيطرة على التضخم الذى يفقر الناس تدريجيا. كما يوضح تركيز الحكومة على الاقتراض من المؤسسات المالية العالمية مثل البنك الدولى إدراك التغيرات الاقتصادية المحيطة وتغير أوضاع الداعمين للاقتصاد المصرى فى العام الأخير.
إدراك حقيقة الوضع أمر مهم ومن الضرورى أيضا تبنى توجهات أخرى يأتى على رأسها إعادة النظر فى المشروعات القومية العملاقة باهظة التكلفة والممولة بقروض مكلفة لكن يتطلب العائد عليها فترات طويلة. من ناحية أخرى، من الضرورى تشجيع القطاع الخاص فى وقت يواجه فيه العديد من التحديات مثل عدم توافر التمويل وارتفاع تكلفته. ومن المفيد أيضا أن يعيد البنك المركزى النظر فى قيود إيداع الدولار والتى أدت إلى تراجع الواردات، لكن تراجعت معها معدلات الإنتاج المحلى والتصدير مما عمق الأزمة الاقتصادية. تتجلى ملامح العزلة الاقتصادية تدريجيا، وقد لا يكون هناك مناص منها على المدى القصير، لكن سرعة الحكومة فى إدارك الوضع والتعامل معه قد يخفف من حدة الأزمة ويساعد على التعايش معها مرحليا.
عمر الشنيطى
1 - ديسمبر- 2015
نُشر هذا المقال فى "جريدة الشروق"